وأما من أنصف ، وكان مقصوده الحق المبين ، فإنه لا يكذب بيوم الدين ، لأن الله قد أقام عليه من الأدلة القاطعة ، والبراهين الساطعة ، ما يجعله حق اليقين ، وصار لقلوبهم مثل الشمس للأبصار{[1382]} ، بخلاف من ران على قلبه كسبه ، وغطته معاصيه ، فإنه محجوب عن الحق .
ثم بين - سبحانه - الأسباب التى حملتهم على أن يقولوا فى القرآن ما قالوا ، فقال : { كَلاَّ بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونِ } .
وقوله : { بَلْ رَانَ } قرأه الجمهور بإدغام اللام فى الراء بعد قلبها راء لتقارب مخرجيهما ، وقرأه عاصم بالوقف الخفيف على لام بل والابتداء بكلمة ران بدون إدغام .
قال الله تعالى : { كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } أي : ليس الأمر كما زعموا ولا كما قالوا ، إن هذا القرآن أساطير الأولين ، بل هو كلام الله ووحيه وتنزيله على رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإنما حجب قلوبهم عن الإيمان به ما عليها من الرَّيْن الذي قد لبس قلوبهم من كثرة الذنوب والخطايا ؛ ولهذا قال تعالى : { كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } والرين يعتري قلوبَ الكافرين ، والغيم للأبرار ، والغين للمقربين .
وقد روى ابن جرير والترمذي والنسائي وابن ماجة من طرق ، عن محمد بن عَجْلان ، عن القعقاع بن حكيم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن العبد إذا أذنب ذنبا كانت نكتة سوداء في قلبه ، فإن تاب منها صقل قلبه ، وإن زاد زادت ، فذلك قول الله : { كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ }{[29850]} .
وقال الترمذي : حسن صحيح . ولفظ النسائي : " إن العبد إذا أخطأ خطيئة نُكِت في قلبه نكتة ، فإن هو نزع واستغفر وتاب صُقِل قلبه ، فإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه ، فهو الران الذي قال الله : { كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ }
وقال أحمد : حدثنا صفوان بن عيسى ، أخبرنا ابن عَجْلان ، عن القعقاع بن حكيم ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن المؤمن إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه ، فإن تاب ونزع واستغفر صُقِل قلبه ، فإن زاد زادت حتى تعلو قلبه ، وذاك الران الذي ذكر الله في القرآن : { كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } " {[29851]} .
وقال الحسن البصري : هو الذنب على الذنب ، حتى يعمى القلب ، فيموت . وكذا قال مجاهد ابن جبر وقتادة ، وابن زيد ، وغيرهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.