إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{كَلَّاۖ بَلۡۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (14)

{ كَلاَّ } ردعٌ للمعتدي الأثيمِ عن ذلكَ القولِ الباطلِ وتكذيبٌ له فيهِ . وقولُه تعالَى : { بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ ما كَانُوا يَكْسِبُونَ } بيانٌ لما أدَّى بهم إلى التفوهِ بتلكَ العظيمةِ أي ليسَ في آياتِنا ما يصحُّ أنْ يقالَ في شأنِها مثلُ هذه المقالاتِ الباطلةِ بلْ رَكِبَ على قلوبِهم وغلبَ عليها ما كانُوا يكسبونَها من الكفرِ والمعاصِي حتى صارتْ كالصدأِ في المرآةِ فحالَ ذاكَ بينُهم وبينَ معرفةِ الحقِّ كما قال صلى الله عليه وسلم : «إنَّ العبدَ كلما أذنبَ ذنباً حصلَ في قلبِه نكتةٌ سوداءُ حتى يسودَّ قلبُه »{[831]} . ولذلكَ قالُوا ما قالُوا والرينُ الصدأُ يقالُ رانَ عليهِ الذنبُ وغانَ عليهِ ريناً وغيناً ، ويُقالُ رانَ فيه النومُ أي رسخَ فيهِ ، وقُرِئَ بإدغامِ اللامِ في الراءِ .


[831]:أخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد باب (29) وأحمد في المسند (2/297).