قوله : { كَلاَّ } . ردعٌ وزجرٌ ، أي : ليس هو أساطير الأولين .
وقال الحسن : معناها «حقًّا » ران على قلوبهم .
وقال مقاتلٌ : معناه : لا يؤمنون{[59583]} ، ثم استأنف : { بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ } قد تقدم وقف حفص على لام «بل » في سورة «الكهف » .
والرَّان : الغشاوة على القلب كالصَّدأ على الشيء الصقيل من سيف ، ومرآة ، ونحوهما .
5129- وكَمْ رَانَ من ذَنْبٍ على قَلْبِ فَاجِرٍ*** فَتَابَ منَ الذَّنْبِ الذي رَانَ وانْجَلَى{[59584]}
وأصل الرَّيْنِ : الغلبة ، ومنه رانت الخمر على عقل شاربها .
وقال الزمخشري{[59585]} : «يقال ران عليه الذنب ، وغان عليه ، رَيْناً ، وغَيْناً ، والغَيْنُ : الغَيْمُ » .
والغين أيضاً : شجر متلف ، الواحدة غَيْنَاء ، أي : خضراء كثيرة الورق ملتفة الأغصان .
ويقال : رَانَ رَيْناً ورَيَناً ، فجاء مصدره مفتوح العين وساكنها .
وقرأ حمزة والكسائي والأعمش وأبو بكر والفضل{[59586]} : «رَانَ » بالإمالة ؛ لأن فاء الفعل راء ، وعينه ألف منقلبة عن ياء ، فحسنت الإمالة ، ومن فتح فعلى الأصل مثل : كَالَ وبَاعَ .
فصل في المراد بالرَّين والإقفال والطبع
قال أبُو معاذ النحويُّ : الرَّيْنُ ، والإقفال : [ أن يسود القلب من الذنوب وهو ]{[59587]} أشدّ من الطبع ، وهو أن يقفلُ على القلب ، قال تعالى : { أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ } [ محمد : 24 ] .
قال الزجاجُ : «رَانَ على فُلوبِهمْ » بمعنى غَطَّى على قُلوبِهم .
وقال الحسن ومجاهد : هو الذنب على الذنب حتى تحيط الذنوب بالقلب ، ويغشى ، فيموت القلب{[59588]} .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إيَّاكُمْ والمُحقراتِ مِنَ الذنُوبِ ، فإنَّ الذنْبَ على الذَّنْبِ يُوقِدُ على صَاحبهِ [ جحيماً ]{[59589]} ضخمة »{[59590]} .
وقال صلى الله عليه وسلم : «إنَّ المُؤْمِنَ إذَا أذْنَبَ كَانتْ نُكْتةٌ سَودَاء في قَلْبهِ ، فإنْ تَابَ ونَزعَ واسْتَغفرَ صُقِلَ قَلْبهُ مِنْهَا ، فإذَا زَادَ زَادتْ حتَّى تَعلُو قَلْبهُ ، فَذلِكُمُ الرَّانُ الَّذي ذَكَرَ اللهُ - تعَالَى - في كِتَابِهِ : { كَلاَّ بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } »{[59591]} .
قوله : { مَّا كَانُواْ } هو الفاعل ، و«ما » : يحتمل أن تكون مصدرية ، وأن تكون بمعنى : «الذي » والعائد محذوف ، وأميلت ألف «رَانَ » ، وفخمت ، فأمالها الأخوان وأبو بكرٍ وفخَّمها الباقُون ، وأدغمت لام «بل » في الراء ، وأظهرتْ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.