البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{كَلَّاۖ بَلۡۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (14)

ران غطى وغشى كالصدإ يغشى السيف . قال الشاعر :

وكم ران من ذنب على قلب فاجر *** فتاب من الذنب الذي ران فانجلا

وأصل الرين الغلبة يقال رانت الخمر على عقل شاربها وران الغشى على عقل المريض . قال أبو زبيد :

ثم لما رآه رانت به الخمر وأن لا يرينه بانتقاء-

وقال أبو زيد يقال رين بالرجل يران به ريناً إذا وقع فيما لا يستطيع منه الخروج .

{ بل ران } ، قرىء بإدغام اللام في الراء ، وبالإظهار وقف حمزة على بل وقفاً خفيفاً يسير التبيين الإظهار .

وقال أبو جعفر بن الباذش : وأجمعوا ، يعني القراء ، على إدغام اللام في الراء إلا ما كان من سكت حفص على بل ، ثم يقول : { ران } ، وهذا الذي ذكره ليس كما ذكر من الإجماع .

ففي كتاب اللوامح عن قالون : من جميع طرقه إظهار اللام عند الراء ، نحو قوله : { بل رفعه الله إليه } { بل ربكم } وفي كتاب ابن عطية ، وقرأ نافع : { بل ران } غير مدغم ، وفيه أيضاً : وقرأ نافع أيضاً بالإدغام والإمالة .

وقال سيبويه : اللام مع الراء نحو : أسفل رحمه البيان والإدغام حسنان .

وقال الزمخشري : وقرى بإدغام اللام في الراء ، وبالإظهار والإدغام أجود ، وأميلت الألف وفخمت . انتهى .

وقال سيبويه : فإذا كانت ، يعني اللام ، غير لام المعرفة ، نحو لام هل وبل ، فإن الإدغام في بعضها أحسن ، وذلك نحو : هل رأيت ؟ فإن لم تدغم فقلت : هل رأيت ؟ فهي لغة لأهل الحجاز ، وهي غريبة جائزة . انتهى .

وقال الحسن والسدي : هو الذنب على الذنب .

وقال الحسن : حتى يموت قلبه .

وقال السدي : حتى يسود القلب .

وفي الحديث نحو من هذا .

فقال الكلبي : طبع على قلوبهم .

وقال ابن سلام : غطى .

{ ما كانوا يكسبون } ، قال ابن عطية : وعلق اللوم بهم فيما كسبوه ، وإن كان ذلك بخلق منه تعالى واختراع ، لأن الثواب والعقاب متعلقان بكسب العبد .