فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{كَلَّاۖ بَلۡۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (14)

وقوله : { كَلاَّ } للردع والزجر للمعتدي الأثيم عن ذلك القول الباطل وتكذيب له ، وقوله : { بَلْ رَانَ على قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } بيان للسبب الذي حملهم على قولهم بأن القرآن أساطير الأوّلين . قال أبو عبيدة : ران على قلوبهم : غلب عليها ريناً وريوناً ، وكل ما غلبك وعلاك فقد ران بك وران عليك . قال الفرّاء : هو أنها كثرت منهم المعاصي والذنوب فأحاطت بقلوبهم ، فذلك الرين عليها . قال الحسن : هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب . قال مجاهد : القلب مثل الكف ، ورفع كفه فإذا أذنب انقبض ، وضم إصبعه ، فإذا أذنب ذنباً آخر انقبض ، وضم أخرى حتى ضم أصابعه كلها حتى يطبع على قلبه . قال : وكانوا يرون أن ذلك هو الرين . ثم قرأ هذه الآية . قال أبو زيد : يقال قد رين بالرجل ريناً : إذا وقع فيما لا يستطيع الخروج منه ولا قبل له به . وقال أبو معاذ النحوي : الرين أن يسودّ القلب من الذنوب ، والطبع أن يطبع على القلب وهو أشدّ من الرين ، والإقفال أشدّ من الطبع . قال الزجاج : الرين هو كالصدأ يغشى القلب كالغيم الرقيق ، ومثله الغين .

/خ17