الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{كَلَّاۖ بَلۡۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (14)

{ كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } أخبرنا الحسين قال : حدّثنا الفضل قال : حدّثنا أبو الحسن أحمد بن مكرم التربي ببغداد قال : حدّثنا علي المكرمي قال : حدّثنا الوليد بن مسلم قال : سمعت محمد بن عجلان يقول : حدّثني القعقاع بن حكم أن أبا صالح السمّان قال أن أبا هريرة حدّثه أنّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إنّ العبد إذا أذنب كانت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب صُقل قلبه وإن عاد زادت حتى يسوّد قلبه " قال : فذلك قوله سبحانه { كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } " وكذا قال المفسرون : هو الذنب على الذنب حتى يسوّد القلب ، وقال حذيفة بن اليمّان : القلب مثل الكفّ فإذا أذنب العبد انقبض وقبض أصبعاً من أصابعه ثم إذا أذنب انقبض وقبض إصبعاً أخرى ، ثم إذا أذنب انقبض وقبض أصابعه ثم يطبع عليه فكانوا يرون أنّ ذلك هو الرين ، ثمّ قرأ هذه الآية .

وقال بكر بن عبد الله : إنّ العبد إذا أصاب الذنب صار في قلبه كوخزة الإبرة ثمّ إذا أذنب ثانياً صار كذلك فإذا كثرت الذنوب صار القلبُ كالمنخل أو كالغربال ، وقال الحسن : هو الذنب على الذنب حتى لعله يصديء القلب ، وقال ابن عباس : طبع عليها ، عطا : غشيت على قلوبهم فهوت بها فلا يفزعون ولا يتحاشون ، وقيل : قلبها فجعل أسفلها أعلاها ، نظيره قوله سبحانه

{ وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ } [ الأنعام : 110 ] وأصل الرين الغلبة ، يقال : رانت الخمر على عقله إذا غلبت عليه فسكر ، وقال أبو زبيد الطائي :

ثم إذا رآه رانت به الخم *** ر وأن لا يرينه باتّقاء

وقال الراجّز :

لم نرو حتى هجّرت ورين بي *** ورين بالسّاقي الذي أمسّى معي

معنى الآية غلب على قلوبهم وأحاطت بها حتى غمرتها وغشيتها .