السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{كَلَّاۖ بَلۡۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (14)

وقوله تعالى : { كلا } ردع وزجر ، أي : ليس هو أساطير الأوّلين ، وقال الحسن : معناها حقاً كما مرّ . { بل ران } أي : غلب وأحاط وغطى تغطية الغيم السماء { على قلوبهم } أي : كل من قال هذا القول { ما كانوا يكسبون } أي : كما يركب الصدأ من إصرارهم على الكبائر وتسويف التوبة حتى طبع على قلوبهم فلا تقبل الخير ولا تميل إليه . روى أبو هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إن المؤمن إذا أذنب ذنباً نكتت نكتة سوداء في قلبه فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه منها وإذا زاد زادت حتى تعلو قلبه فذلكم الران الذي ذكره الله تعالى في كتابه المبين » . وقال أبو معاذ : الران أن يسودّ القلب من الذنوب ، والطبع أن يطبع على القلب وهو أشدّ من الران ، والأقفال أشدّ من الطبع ، وهو أن يقفل على القلب ، قال تعالى : { أم على قلوب أقفالها } [ محمد : 24 ] وقال الحسن : هو الذنب على الذنب حتى تحيط الذنوب بالقلب ويغشى فيموت القلب .

قال صلى الله عليه وسلم «إياكم والمحقرات من الذنوب فإنّ الذنب على الذنب يوقد على صاحبه جحيماً ضخمة » . وعن الحسن : الذنب بعد الذنب يسود القلب . يقال : ران عليه الذنب وغان عليه ربنا وغينا والغين الغيم ، ويقال : ران فيه النوم : رسخ فيه ، ورانت به الخمرة ذهبت به . وقرأ حمزة وشعبة والكسائي بالإمالة : محضة ، والباقون بالفتح وسكت حفص على اللام وقفة لطيفة من غير قطع والباقون بغير سكت .