الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{كَلَّاۖ بَلۡۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (14)

- ثم قال تعالى : ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون )

( كلا ) عند أب حاتم لا يوقف عليها . وهي بمعنى " ألا " [ و ] {[74378]} بمعنى " حقا " {[74379]}

ويوقف عليها عند غيره ، على معنى : ليس الأمر على ما قال هؤلاء المكذبون {[74380]} بيوم الدين : إن آياتنا أساطير {[74381]} الأولين .

ثم ابتدأ فأخب ما نزل بهم حين كفروا بالبعث فقال : ( بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) ، أي : ( بل ) {[74382]} ران على قلوبهم إثم ذنوبهم وكفرهم حتى غطاها ، فلا يبصرون الصواب من الخطأ .

يقال {[74383]} رانت الخمر على عقله : إذا غلبت {[74384]} ( عليه ) {[74385]} . وغانت بمعناه {[74386]} .

وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إذا أذنب العبد نُكِتَ ( في ) {[74387]} قلبه نكتة سوداء ، فإن {[74388]} ( تاب ) {[74389]} صقل منها ، فإن عادت حتى تعظم في قلبه . فذلك قوله تعالى : ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) " {[74390]} .

وقال الحسن : هو الذنب على الذنب حتى يعمى القلب فيموت {[74391]} .

قال مجاهد : القلب مثل الكف . فإذا أذنب انقبض-وقبض مجاهد أصبعا-قال : فإذا أذنب انقبض-وقبض مجاهد أصبعا آخر {[74392]}- ثم كذلك حتى ينقبض كله- وقبض مجاهد أصابعه على الكف- قال : ثم يطبع عليه . فكانوا يرون أن ذلك هو الرين {[74393]} . قال قتادة : هو " الذنب على الذنب حتى يرين {[74394]} على القلب فيسود " {[74395]} .

قال ابن زيد : ( بل ران ) ، أي غلبت على قلوبهم ذنوبهم ، فلا يخلص إليها معها {[74396]} خير {[74397]} .


[74378]:ساقط من م.
[74379]:انظر: القطع: 768. واعتبرها مكي في "شرح كلا": 55- في قول أبي حاتم- "بمعنى "حَقّا" أحسن ليؤكد غلبة الذنوب والمعاصي على قلوبهم".
[74380]:ث: هذا المكذب.
[74381]:أ: آياتنا قال أساطير. وهذا المعنى الذي يدل عليه الوقف على "كلا" هو مذهب الطبري في جامع البيان 30/97. واعتبره مكي في "شرح كلا": 55 "حَسَناً بَالِغاً".
[74382]:ساقط من ث.
[74383]:أ: يقول.
[74384]:ث: غلب.
[74385]:ساقط من أ، وانظر: الغريب لابن قتيبة: 519 وجامع البيان 30/97 والمفردات للراغب: 214. واللسان (رين) وتفسير القرطبي 19/260.
[74386]:انظر: تفسير القرطبي 19/260.. وفرق ابن قيم بين الغَيْنِ والرَّيْنِ. "فالغَيْنُ ألطف شيء وأرقه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَإِنَّه لَيُضَانَ عَلَى قَلْبِي، وإنِّي لأَسْتَغْفِرُ الله في اليوم مائة مرة"، وأما الرَّيْنُ والرَّانُ فهو من أغلظ الحجب على القلب وأكثفها" انظر: التفسير القيم: 507-508.
[74387]:ساقط من ث. وفي أ: على.
[74388]:أ: فإذا.
[74389]:ساقط من أ.
[74390]:الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند: 2/297 بنحوه عن أبي هريرة وكذلك أخرجه والنسائي في عمل اليوم والليلة: 317 باب ما يفعل من بُلِيَ بذنب وما يقول ح: 418 والطبري في جامع البيان: 30/98 ولفظه أقرب على ما أورده مكي، وانظر: مصابيح السنة: 2/170.
[74391]:انظر: جامع البيان: 30/98 والدر: 8/447 وفيه: "حتى يغمر...".
[74392]:ث: أخرا.
[74393]:انظر: جامع البيان: 30/98-99.
[74394]:أ: يرون.
[74395]:المصدر السابق. وانظر: الدر: 8/447.
[74396]:ث: معها إليها.
[74397]:انظر: جامع البيان: 30/100.