المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَشۡكُرُونَ} (60)

60- ما الذي يظنه يوم القيامة أولئك الذين كانوا يفترون الكذب على الله ، فيدَّعون الحِلّ والتحريم من غير أن يكون عندهم دليل ؟ إن الله أنعم عليهم نعماً كثيرة ، وأحلها لهم بفضله ، وشرع لهم ما فيه خيرهم ، ولكن الأكثرين لا يشكرون الله عليها ، بل يفترون على الله الكذب .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَشۡكُرُونَ} (60)

{ وَمَا ظَنُّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ْ } أن يفعل الله بهم من النكال ، ويحل بهم من العقاب ، قال تعالى : { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ ْ } .

{ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ ْ } كثير ، وذو إحسان جزيل ، وَلَكِنَّ أكثر الناس لا يشكرون ، إما أن لا يقوموا بشكرها ، وإما أن يستعينوا بها على معاصيه ، وإما أن يحرموا منها ، ويردوا ما منَّ الله به على عباده ، وقليل منهم الشاكر الذي يعترف بالنعمة ، ويثني بها على الله ، ويستعين بها على طاعته .

ويستدل بهذه الآية على أن الأصل في جميع الأطعمة الحل ، إلا ما ورد الشرع بتحريمه ، لأن الله أنكر على من حرم الرزق الذي أنزله لعباده .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَشۡكُرُونَ} (60)

ثم توعدهم - سبحانه - بسوء المصير على جرأتهم وكذبهم فقال { وَمَا ظَنُّ الذين يَفْتَرُونَ عَلَى الله الكذب يَوْمَ القيامة . . . } .

أى : هؤلاء الذين أحلوا وحرموا افتراء على الله ماذا يظنون أن الله سيفعل بهم يوم القيامة ؟ أيظنون أن الله ستيركهم بدون عقاب ؟ كلا إن عقابهم لشديد بسبب افترائهم عليه الكذب .

وأبهم - سبحانه - هذا العقاب للتهويل والتعظيم ، حيث أباحوا لأنفسهم ما لم يأذن به الله - تعالى - :

وقال - سبحانه - { وَمَا ظَنُّ . . . } بصيغة الماضي لتحقيق الوقوع ، وأكثر أحوال القيامة يعبر عنها بهذه الصيغة لهذا الغرض .

وقوله : { إِنَّ الله لَذُو فَضْلٍ عَلَى الناس ولكن أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ } تذييل قصد به حض الناس على شكر خالقهم ، واتباع شريعته فيما أحل وحرم .

أى : إن الله لذو فضل عظيم على عباده ، حيث خلقهم ورزقهم ، وشرع لهم ما فيه مصلحتهم ومنفعتهم ، ولكن أكثرهم لا يشكرونه على هذه النعم ، لأنهم يستعملونها في غير ما خلقت له .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَشۡكُرُونَ} (60)

26

واللّه يجبههم هنا بالافتراء ، ثم يسألهم ماذا تظنون بربكم يوم القيامة وأنتم تفترون عليه :

( وما ظن الذين يفترون على اللّه الكذب يوم القيامة ? ) . .

وصيغة الغائب تشمل جنس الذين يفترون على اللّه الكذب وتنتظمهم جميعاً . . فما ظنهم يا ترى ? ما الذي يتصورون أن يكون في شأنهم يوم القيامة ! ! وهو سؤال تذوب أمامه حتى الجبلات الصلدة الجاسية !

إن اللّه لذو فضل على الناس ، ولكن أكثرهم لا يشكرون . .

واللّه ذو فضل على الناس برزقه هذا المادي الذي أودعه هذا الكون من أجلهم ؛ وأودع فيهم القدرة على معرفة مصادره ؛ والنواميس التي تحكم هذه المصادر ، وأقدرهم كذلك على التنويع في أشكاله ، والتحليل والتركيب في مادته لتنويع هذه الأشكال . . وكله في الكون وفيهم من رزق اللّه . .

واللّه ذو فضل على الناس بعد ذلك برزقه وفضله ورحمته التي أنزلها في منهجه هدى للناس وشفاء لما في الصدور ؛ ليهدي الناس إلى منهج الحياة السليم القويم ؛ الذي يزاولون به خير ما في إنسانيتهم من قوى وطاقات ؛ ومشاعر واتجاهات ؛ والذي ينسقون به بين خير الدنيا وخير الآخرة ؛ كما ينسقون به بين فطرتهم وفطرة الكون الذي يعيشون فيه ويتعاملون معه .

ولكن أكثر الناس لا يشكرون على هذا الرزق وذاك . . فإذا هم يحيدون عن منهج اللّه وشرعه ؛ وإذا هم يشركون به غيره . . ثم يشقون في النهاية بهذا كله . . يشقون لأنهم لا ينتفعون بهذا الذي هو شفاء لما في الصدور !

وإنه لتعبير عجيب عن حقيقة عميقة . . إن هذا القرآن شفاء لما في الصدور بكل معنى من معاني الشفاء . . إنه يدب في القلوب فعلاً دبيب الشفاء في الجسم المعلول ! يدب فيها بإيقاعه ذي السلطان الخفي العجيب . ويدب فيها بتوجيهاته التي توقظ أجهزة التلقي الفطرية ، فتهتز وتتفتح وتتلقى وتستجيب . ويدب فيها بتنظيماته وتشريعاته التي تضمن أقل احتكاك ممكن بين المجموعات البشرية في الحياة اليومية . ويدب فيها بإيحاءاته المطمئنة التي تسكب الطمأنينة في القلوب إلى الله ، وإلى العدل في الجزاء ، وإلى غلبة الخير ، وإلى حسن المصير . .

وإنها لعبارة تثير حشداً وراء حشد من المعاني والدلائل ، تعجز عنها لغة البشر ويوحي بها هذا التعبير العجيب !

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا ظَنُّ ٱلَّذِينَ يَفۡتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلۡكَذِبَ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا يَشۡكُرُونَ} (60)

وقوله { وما ظن الذين يفترون على الله } الآية ، وعيد ، لما تحقق عليهم ، بتقسيم الآية التي قبلها ، أنهم مفترون على الله ، عظم في هذه الآية جرم الافتراء ، أي ظنهم في غاية الرداءة بحسب سوء أفعالهم ، ثم ثنى بإيجاب الفضل على الناس في الإمهال لهم مع الافتراء والعصيان : والإمهال داعية إلى التوبة والإنابة ، ثم استدرك ذكر من لا يرى حق الإمهال ولا يشكره ولا يبادر به فيه على جهة الذم لهم ، والآية بعد هذا تعم جميع فضل الله وجميع تقصير الخلق في شكره ، لا رب غيره .