المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

4- بلى نجمعها قادرين على أن نُسوى ما دق من أطراف أصابعه ، فكيف بما كبر من عظام جسمه ؟ .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

فرد عليه بقوله : { بَلَى قَادِرِينَ عَلَى أَنْ نُسَوِّيَ بَنَانَهُ } أي : أطراف أصابعه وعظامه ، المستلزم ذلك لخلق جميع أجزاء البدن ، لأنها إذا وجدت الأنامل والبنان ، فقد تمت خلقة الجسد .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

وقوله - سبحانه - : { بلى قَادِرِينَ على أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ } تأكيد لقدرته - تعالى - على إحياء الموتى بعد أن صاروا عظاما نخرة ، وإبطال لنفيهم إحياء العظام وهى رميم .

و { قَادِرِينَ } حال من فاعل الفعل المقدر بعد بلى . وقوله : { نُّسَوِّيَ } من التسوية ، وهى تقويم الشئ وجعله متقنا مستويا ، يقال : سوى فلان الشئ إذا جعله متساويا لا عوج فيه ولا اضطراب .

والبنان : جمع بنانة ، وهى أصابع اليدين والرجلين ، أو مفاصل تلك الأصابع وأطرافها .

أى : ليس الأمر كما زعم هؤلاء المشركين من أننا لا نعيد الإِنسان إلى الحياة بعد موته للحساب والجزاء ، بل الحق أننا سنجمعه وسنعيده إلى الحياة حالة كوننا قادرين قدرة تامة ، على هذا الجمع لعظامه وجسده ، وعلى جعل أصابعه وأطرافه وأنامله مستوية الخلق ، متقنة الصنع ، كما كانت قبل الموت .

وخصت البنان بالذكر ، لأنها أصغر الأعضاء ، وآخر ما يتم به الخلق ، فإذا كان - سبحانه - قادرا على تسويتها مع لطافتها ودقتها ، فهو على غيرها مما هو أكبر منها أشد قدرة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

والقرآن يرد على هذا الحسبان بعدم جمع العظام مؤكدا وقوعه : ( بلى ! قادرين على أن نسوي بنانه ) . . والبنان أطراف الأصابع ؛ والنص يؤكد عملية جمع العظام ، بما هو أرقى من مجرد جمعها ، وهو تسوية البنان ، وتركيبه في موضعه كما كان ! وهي كناية عن إعادة التكوين الإنساني بأدق ما فيه ، وإكماله بحيث لا تضيع منه بنان ، ولا تختل عن مكانها ، بل تسوى تسوية ، لا ينقص معها عضو ولا شكل هذا العضو ، مهما صغر ودق !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

بلى نجمعها قادرين على أن نسوي بنانه بجمع سلامياته وضم بعضها إلى بعض كما كانت مع صغرها ولطافتها فكيف بكبار العظام أو على أن نسوي بنانه الذي هو أطرافه فكيف بغيرها وهو حال من فاعل الفعل المقدر بعد بلى وقرئ بالرفع أي نحن قادرون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

ثم قال تعالى : { بلى } وهي إيجاب ما نفي ، وبابها أن تأتي بعد النفي والمعنى بل يجمعها { قادرين } بنصب { قادرين } على الحال . وقرأ ابن أبي عبلة «قادرون » بالرفع ، وقال القتبي : { نسوي بنانه } معناه نتقنها سوية ، والبنان : الأصابع ، فكأن الكفار لما استبعدوا جمع العظام بعد الفناء والإرمام ، قيل لهم إنما تجمع ويسوى أكثرها تفرقاً أجزاء وهي عظام الأنامل ومفاصلها ، وهذا كله عند البعث ، وقال ابن عباس وجمهور المفسرين : { نسوي بنانه } معناه نجعلها في حياته هذه بضعة أو عظماً واحداً كخف البعير لا تفاريق فيه ، فكأن المعنى قادرين لأن في الدنيا على أن نجعلها دون تفرق ، فتقل منفعته بيده ، فكأن التقدير { بلى } نحن أهل أن نجمعها { قادرين } على إزالة منفعة بيده ، ففي هذا توعد ما ، والقول الأول أحرى مع رصف الكلام ، ولكن على هذا القول جمهور العلماء{[11464]} .


[11464]:من أسرار البلاغة القرآنية هنا أن الآية وهي ترد على إنكار الكفار لجمع العظام لم تكتف ببيان قدرة الله تعالى على جمعها، بل ذكرت شيئا آخر أدق من مجرد وأدل على القدرة وهو التسوية، ثم إن العلم الحديث قد اكتشف سر البصمة التي في أطراف الأصابع، وهي علامة من علامات القدرة الإلهية ذكرتها الآية قبل العلم وأهله بمئات السنين.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{بَلَىٰ قَٰدِرِينَ عَلَىٰٓ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُۥ} (4)

و { بَلَى } حرف إبطال للنفي الذي دل عليه { لن نجمع عظامه } فمعناه بل تجمع عظامه على اختلاف المحملين في معنى الجمع .

و { قادرين } حال من الضمير في الفعل المحذوف بعد { بَلَى } الذي يدل عليه قوله : { أن لن نجمع ، } أي بل نجمعها في حال قدرتنا على أن نُسوي بَنانه .

ويجوز أن يكون { بلى } إبطالاً للنفيين : النفي الذي أفاده الاستفهام الإِنكاري من قوله { أيحسب الإِنسان } والنفي الذي في مفعول { يحسب } ، وهو إبطال بزجر ، أي بَل لِيحسِبْنا قادرين ، لأن مفاد { أن لَنْ نجمع عظامه } أن لا نقدر على جمع عظامه فيكون { قادرين } مفعولاً ثانياً لِيَحْسِبْنَا المقدر ، وعدل في متعلق { قادرين } عن أن يقال : قادرين على جمع عظامه إلى قادرين على أن نسوي بنانه لأنه أوفر معنى وأوفق بإرادة إجمال كيفية البعث والإِعادة .

ولمراعاة هذه المعاني عُدل عن رفع : قادرون ، بتقدير : نحن قادرون ، فلم يقرأ بالرفع .

والتسوية : تقويم الشيء وإتقان الخلْق قال تعالى : { ونفسٍ وما سَواها } [ الشمس : 7 ] وقال في هذه السورة : { فخَلَق فسوى } [ القيامة : 38 ] . وأريد بالتسوية إعادة خلق البنان مقوَّمة متقنة ، فالتسوية كناية عن الخلق لأنها تستلزمه فإنه ما سُوِّيَ إلاّ وقد أُعيد خلقه قال تعالى : { الذي خلق فسوى } [ الأعلى : 2 ] .

والبَنان : أصابع اليدين والرجلين أو أطرافُ تلك الأصابع . وهو اسم جمع بَنانَةٍ .

وإذ كانت هي أصغر الأعضاء الواقعة في نهاية الجسد كانت تسويتها كناية عن تسوية جميع الجسد لظهور أن تسْوية أطراف الجسد تقتضي تسوية ما قبلها كما تقول : قَلعتْ الريح أوتادَ الخيمة كناية عن قلعها الخيمة كلَّها فإنه قد يكنَّى بأطراف الشيء عن جميعه .

ومنه قولهم : لك هذا الشيء بأسره ، أي مع الحبْل الذي يشد به ، كناية عن جميع الشيء . وكذلك قولهم : هوَ لك برُمته ، أي بحبله الذي يشد به .