ثم ذكر تكميله لغيره فقال : { وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ ْ } أي : في أي : مكان ، وأي : زمان ، فالبركة جعلها الله فيَّ من تعليم الخير والدعوة إليه ، والنهي عن الشر ، والدعوة إلى الله في أقواله وأفعاله ، فكل من جالسه ، أو اجتمع به ، نالته بركته ، وسعد به مصاحبه .
{ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا ْ } أي : أوصاني بالقيام بحقوقه ، التي من أعظمها الصلاة ، وحقوق عباده ، التي أجلها الزكاة ، مدة حياتي ، أي : فأنا ممتثل لوصية ربي ، عامل عليها ، منفذ لها .
وقوله : { وَجَعَلَنِي نَبِيّاً } أدعو الناس إلى عبادته وحده { وَجَعَلَنِي } أيضاً بجانب نبوتى { مُبَارَكاً } أى : كثير الخير والبركة { أَيْنَ مَا كُنتُ } أى : حينما حللت جعلنى مباركاً ، فأينما شرطية وجوابها محذوف لدلالة ما قبله عليه .
{ وَأَوْصَانِي بالصلاة والزكاة } أى : بالمحافظة على أدائهما { مَا دُمْتُ حَيّاً } فى هذه الدنيا .
وقوله : { وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ } قال مجاهد ، وعمرو بن قيس ، والثوري : وجعلني معلمًا للخير . وفي رواية عن مجاهد : نَفَّاعًا .
وقال ابن جرير : حدثني سليمان بن عبد الجبار ، حدثنا محمد بن يزيد{[18809]} بن خُنَيْس المخزومي ، سمعت وُهَيْب بن الورد مولى بني مخزوم قال : لقي عالم عالمًا هو فوقه في العلم ، فقال له : يرحمك الله ، ما الذي أعلن من عملي ؟ قال : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ فإنه دين الله الذي بعث به أنبياءه إلى عباده ، وقد أجمع الفقهاء على قول الله : { وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ } ، وقيل : ما بركته ؟ قال : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، أينما كان .
وقوله : { وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا } كقوله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم : { وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ } [ الحجر : 99 ] .
وقال عبد الرحمن بن القاسم ، عن مالك بن أنس في قوله : { وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا } قال : أخبره بما هو كائن من أمره إلى أن يموت{[18810]} ، ما أثبتها لأهل القدر .
و { مباركاً } قال مجاهد معناه نفاعاً ، وقال سفيان معلم خير{[7953]} وقيل آمراً بمعروف ناهياً عن منكر ، وقال رجل لبعض العلماء ما الذي أعلن من علمي قال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإنه دين الله الذي بعث به أنبياءه . وأسند النقاش عن الضحاك أنه قال { مباركاً } معناه قضاء للحوائج ( ع ) وقوله { مباركاً } يعم هذه الوجوه وغيرها . و { الصلاة والزكاة } قيل هما المشروعتان في البدن والمال ، وقيل زكاة الرؤوس في الفطر ، وقيل { الصلاة } الدعاء { والزكاة } التطهير من كل عيب ونقص ومعصية . وقرأ «دُمت » بضم الدال عاصم وجماعة ، وقرأ «دِمت » بكسرها أهل المدينة وابن كثير وأبو عمرو وجماعة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.