فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيۡنَ مَا كُنتُ وَأَوۡصَٰنِي بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمۡتُ حَيّٗا} (31)

{ وجعلني مباركا } البركة أصلها من بروك البعير والمعنى جعلني ثابتا في دين الله { أينما كنت } وقيل البركة الزيادة والعلو فكأنه قال : جعلني في جميع الأشياء زائدا عاليا محجا ، وقيل معنى المبارك النفاع للعباد لأنه كان يحيي الموتى ويبرئ الأكمه والأبرص ويرشد ويهدي وقيل : المعلم للخير وقيل : الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر .

وعن أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم قال : جعلني نفاعا للناس أينما اتجهت أخرجه الإسماعيلي في معجمه وأبو نعيم في الحلية .

وعن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : معلما ومؤدبا ، أخرجه ابن عدي وابن عساكر ، وأينما شرطية لا استفهامية وجوابها إما محذوف وإما هو المتقدم عند من يرى ذلك .

{ وأوصاني } أي أمرني { بالصلاة والزكاة } أي بزكاة المال إذا ملكته ، أو تطهير النفس عن الرذائل في الوقت المعين لهما وهو البلوغ أو الآن ، قولان للمفسرين والأول أولى { ما دمت حيا } أي مدة دوام حياتي ، وهذه الأفعال الماضية هي من باب تنزيل ما لم يقع منزلة الواقع تنبيها على تحقق وقوعه لكونه قد سبق في القضاء المبرم .

وقيل : المراد إن الله صيره حين انفصل عن أمه بالغا عاقلا . قال الخازن : وهذا القول أظهر قلت بل أبعد ويحتاج إلى مستند صحيح ثابت .