ومعنى قوله : { مباركاً أينما كنت } نفاعاً حيثما كنت روي ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقيل معلماً للخير ، وضلال كثير من أهل الكتاب باختلافهم فيه لا يقدح في منصبه كما قيل :
عليّ نحت القوافي من معادنها *** وما عليّ إذا لم تفهم البقر
وهذه سنة الله في أنبيائه ورسله كلهم { وكذلك جعلنا لكل نبي عدوّاً } [ الفرقان : 31 ] يروى أن مريم سلمت عيسى إلى المكتب فقالت للمعلم . أدفعه إليك على أن لا تضربه فقال له : اكتب . فقال له : أي شيء أكتب ؟ فقال : اكتب " أبجد " فقال : لا أكتب شيئاً لا أدري . ثم قال : إن لم تعلم ما هو فأنا أعلمك . الألف من آلاء الله ، والباء من بهاء الله والجيم من جمال الله ، والدال من أداء الحق إلى الله . وقيل : البركة أصلها من بروك البعير والمعنى جعلني ثابتاً في دين الله مستقراً فيه . وقيل : البركة هي الزيادة والعلو فكأنه قال : جعلني في جميع الأشياء غالباً منجحاً إلى أن يكرمني الله بالرفع إلى السماء عن قتادة أنه رأته امرأة وهو يحيي الموتى ويبرىء الأكمه والأبرص فقالت : طوبى لبطن حملتك وثدي أرضعت به . فقال عيسى عليه السلام مجيباً لها : طوبى لمن تلا كتاب الله واتبع ما فيه ولم يك جباراً شقياً .
{ وأوصاني بالصلاة والزكاة } أي بأدائهما إما في وقتهما المعين وهو وقت البلوغ ، وإما في الحال بناء على أنه كان مع صغره كامل العقل تام التركيب بحيث يقوى على أداء التكاليف ويؤيده قوله { ما دمت حياً } وقيل : الزكاة ههنا صدقة الفطر . وقيل : تطهير البدن البدن من دنس الآثام . وقيل : أوصاني بأن آمركم بهما .
بب تهمتها وبسبب الغلو والتقصير في حق ابنها قلت : إن مريم القلب قالت يا ليتني مت عن اللذات الجمسية قبل هذا الوقت الذي فزت باللذات الحقيقية وكنت نسياً منسياً ، فإن الخمول راحة والشهرة آفة { فناداها } بلسان الحال من تحت تصرفها من آلات القوى { أن لا تحزني قد جعل ربك تحتك } أي تحت تصرفك { سرياً } هو الغلام الموعود أو جدول الكشوف والعلوم الدينية { وهزي إليك بجذع النخلة } بالمداومة على الذكر { تساقط عليك رطباً جنياً } من المشاهدات والمكاشفات حالاً فحالاً { فكلي واشربي } من خوان الأفضال وبحر النوال من مادته " أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني " { وقري عينا } بأنوار الجمال في حجرة الوصال { فأما ترين } من السوانح البشرية { أحداً فقولي إني نذرت للرحمن صوماً } كما قيل الدنيا يوم ولنا فيه صوم أي الالتفات لغير الله . { فأتت به قومها } من عادة الجهال إنكار أحوال أهل الكمال . { يا أخت هرون } النفس المطمئنة أو الأمارة بناء على أن هارون كان صالحاً أو طالحاً { وكان أبوك } وهو الروح المفارق { إمرأ سوء وما كانت أمك } وهي القالب { بغياً } تستأنس إلى غير عالم الطبيعة التي خلقت لأجلها { فأشارت إليه } فيه أن هذا القوم هم أهل الإشارات { في المهد } مهد السر وذلك المتولد من نفخ الروح في مريم القالب ليس ابناً لله ولا محلاً له ولا نفسه . { فاختلف الأحزاب } فقوم عبدوا الله لأجله ، وقوم عبدوه طمعاً في جنته ، وقوم عبدوا الهوى وذلك قوله : { فويل للذين كفروا } { أسمع بهم } أي بأهل الله { وأبصر يوم يأتوننا } فإنهم بالله يسمعون وبه يبصرون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.