{ وَجَعَلَنِي } مع ذلك { مُبَارَكاً } قال مجاهد نفاعاً ومن نفعه إبراء الأكمه والأبرص . وقال سفيان : معلم الخير آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر . وعن الضحاك قاضياً للحوائج ، والأول أولى لعمومه ، والتعبير بلفظ الماضي في الأفعال الثلاثة إما باعتبار ما في القضاء المحتوم أو بجعل ما في شرف الوقوع لا محالة كالذي وقع . وقيل أكمله الله تعالى عقلاً واستنبأه طفلاً وروي ذلك عن الحسن .
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس أن عيسى عليه السلام درس الإنجيل وأحكمه في بطن أمه وذلك قوله : { آتاني الكتاب } [ مريم : 30 ] { أَيْنَ مَا كُنتُ } أي حيثما كنت . وفي «البحر » أن هذا شرط وجزاؤه محذوف تقديره جعلني مباركاً وحذف لدلالة ما تقدم عليه ، ولا يجوز أن يكون معمولاً لجعلني السابق لأن أين لا تكون إلا استفهاماً أو شرطاً والأول لا يجوز هنا فتعين الثاني واسم الشرط لا ينصبه فعل قبله وإنما هو معمول للفعل الذي يليه .
{ وأوصاني بالصلاة والزكاة } أي أمرني بهما أمراً مؤكداً . والظاهر أن المراد بهما ما شرع في البدن والمال على وجه مخصوص . وقيل المراد بالزكاة زكاة الفطر . وقيل المراد بالصلاة الدعاء وبالزكاة تطهير النفس عن الرذائل ، ويتعين هذا في الزكاة على ما نقل عن ابن عطاء الله وإن كان منظوراً فيه من أنه لا زكاة على الأنبياء عليهم السلام لأن الله تعالى نزههم عن الدنيا فما في أيديهم لله تعالى ولذا لا يورثون أو لأن الزكاة تطهير وكسبهم طاهر . وقيل لا يتعين لأن ذلك أمر له بإيجاب الزكاة على أمته وهو خلاف الظاهر ، وإذا قيل يحمل للزكاة على الظاهر فالظاهر أن المراد { أوصاني } بأداء زكاة المال أن ملكته فلا مانع من أن يشمل التوقيت بقوله سبحانه : { مَا دُمْتُ حَيّاً } مدة كونه عليه السلام في السماء ، ويلتزم القول بوجوب الصلاة عليه عليه الصلاة والسلام هناك كذا قيل .
وأنت تعلم أن الظاهر المتبادر من المدة المذكورة مدة كونه عليه الصلاة والسلام حياً في الدنيا على ما هو المتعارف وذلك لا يشمل مدة كونه عليه السلام في السماء ، ونقل ابن عطية أن أهل المدينة . وابن كثير . وأبا عمرو قرأوا { دمْتُ } بكسر الدال ولم نجد ذلك لغيره نعم قيل إن ذلك لغة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.