{ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ } أى : يخرجون من قبورهم ، حالة كونهم ذليلة خاضعة أبصارهم ، لا يرفعونها لما هم فيه من الخزى والهوان .
{ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } أى : تغشاهم ذلة شديدة ، وهوان عظيم . يقال : رَهِقهَ الأمر يرهَقهُ رَهَقاً ، إذا غشيه بقهر وغلبة لا يمكن لا دفعها .
{ ذَلِكَ اليوم الذي كَانُواْ يُوعَدُونَ } أى : ذلك الذى ذكرناه من الأهوال ، هو اليوم الذى كانوا يوعدونه فى الدنيا على ألسنة الرسل ، والذى كانوا ينكرون وقوعه ، وها هو ذا فى حكم الواقع ، لأن كل ما أخبر الله - تعالى - عنه ، فهو متحقق الوقوع . كما قال - سبحانه - فى أول السورة { سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ . لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } وهكذا افتتحت السورة بإثبات أن يوم القيامة حق ، واختتتمت كذلك بإثبات أن يوم القيامة حق . وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .
ثم تتم سماتهم بقوله : ( خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة )فنلمح من خلال الكلمات سيماهم كاملة ، وترتسم لنا من قسماتهم صورة واضحة . صورة ذليلة عانية . . لقد كانوا يخوضون ويلعبون فهم اليوم أذلاء مرهقون . .
( ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون ) .
فكانوا يستريبون فيه ويكذبون ويستعجلون !
بهذا يلتئم المطلع والختام ، وتتم هذه الحلقة من حلقات العلاج الطويل لقضية البعث والجزاء ، وتنتهي هذه الجولة من جولات المعركة الطويلة بين التصور الجاهلي والتصور الإسلامي للحياة .
وقوله : خاشِعَةً أبْصَارُهُمْ يقول : خاضعة أبصارهم للذي هم فيه من الخزي والهوان تَرْهَقُهُمْ ذِلّةٌ يقول : تغشاهم ذلة ذَلكَ اليَوْمُ الّذِي كانُوا يُوعِدُونَ يقول عزّ وجلّ : هذا اليوم الذي وصفت صفته ، وهو يوم القيامة الذي كان مشركو قريش يوعدونَ في الدنيا أنهم لاقوه في الاَخرة ، كانوا يُكَذّبون به .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ذَلكَ اليَوْم يوم القيامة الّذِي كانُوا يُوعَدُونَ .
وخشوع الأبصار استعارة للنظر إلى أسفل من الذل ، كما قال تعالى : { ينظرون من طرف خفي } [ الشورى : 45 ] وقال : { خُشَّعاً أبصارهم يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر } [ القمر : 7 ] . وأصل الخشوع : ظهور الطاعة أو المخافة على الإِنسان .
والرهق : الغشيان ، أي التغطية بساتر ، وهو استعارة هنا لأن الذلة لا تغشى .
وجملة { ذلك اليوم الذي كانوا يوعدون } فذلكة لما تضمنته السورة في أول أغراضها من قوله : { بعذاب واقع إلى قوله : { في يوم كان مقداره } الآيات [ المعارج : 1 4 ] ، وهي مفيدة مع ذلك تأكيد جملة { حتى يلاَقوا يومهم الذي يوعدون . } وفيها مُحسِّن رد العجز على الصدر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.