اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{خَٰشِعَةً أَبۡصَٰرُهُمۡ تَرۡهَقُهُمۡ ذِلَّةٞۚ ذَٰلِكَ ٱلۡيَوۡمُ ٱلَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ} (44)

قوله : { خَاشِعَةً } . حال إما من فاعل «يُوفِضُونَ » وهو أقرب ، أو من فاعل «يَخرُجونَ » وفيه بعدٌ منه ، وفيه تعدد الحال لذي حالٍ واحدةٍ ، وفيه الخلافُ المشهورُ .

و «أبْصارُهُمْ » فاعل ، والمعنى : ذليلةٌ خاضعةٌ لا يعرفونها لما يتوقعونه من عذاب الله .

قوله : { تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ } ، قرأ العامةُ ، بتنوين «ذلَّة » ، والابتداء ب «ذلِكَ اليَوْمَ » ، وخبره «الَّذي كَانُوا » .

وقرأ يعقوب والتمَّارُ{[57972]} : بإضافةِ «ذلَّة » إلى «ذلك » وجر «اليَوْم » ؛ لأنه صفةٌ ، و «الَّذِي » نعتٌ لليومِ .

و«تَرهَقُهمْ » يجوز أن يكون استئنافاً وأن يكون حالاً من فاعل «يُوفضُونَ » أو «يَخرُجُونَ » ، ولم يذكر مكي غيره .

ومعنى : «ترهَقهُمْ » ، أي : يغشاهم الهوانُ والذلة .

قال قتادة : هو سوادُ الوُجوهِ .

والرَّهقُ : الغشيان : ومنه غلام مراهق إذا غشي الاحتلام ، يقال : رهقه - بالكسر - يرهقه رهقاً ، أي : غشيه .

ومنه قوله تعالى : { وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ }[ يونس : 26 ] .

{ ذَلِكَ اليوم الذي كَانُواْ يُوعَدُونَ } ، أي : يوعدونه في الدنيا أنَّ لهم فيه العذاب ، وأخرج الخبر بلفظ الماضي ؛ لأن ما وعد الله به ، فهو حقٌّ كائنٌ لا محالةَ .

ختام السورة:

روى الثَّعلبيُّ عن أبيِّ بن كعبٍ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قَرَأ سُورَةَ سأل سَائلٍ ، أعْطاهُ اللَّهُ ثَوابَ الَّذينَ هم لأمَانَاتِهِمْ وعهْدِهِمْ راعونَ ، والَّذينَ هُمْ على صلاتهم يُحَافِظُونَ »{[1]} .


[1]:في النسختين تقدم. وندم تصحيح من الرازي. وانظر تصحيح ذلك وغيره في تفسير الإمام 28/117.
[57972]:ينظر: البحر المحيط 8/330، والدر المصون 6/381.