المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{فَٱخۡتَلَفَ ٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَيۡنِهِمۡۖ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن مَّشۡهَدِ يَوۡمٍ عَظِيمٍ} (37)

37- ومع ما تقدم من قول الحق في عيسى ، قد اختلف أهل الكتاب فيه ، وذهبوا مذاهب شتى . والعذاب الشديد للكافرين يوم يحضرون موقف الحساب ، ويشهدون موقف القيامة ، ويلقون سوء الجزاء .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{فَٱخۡتَلَفَ ٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَيۡنِهِمۡۖ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن مَّشۡهَدِ يَوۡمٍ عَظِيمٍ} (37)

القول في تأويل قوله تعالى : { فَاخْتَلَفَ الأحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوْيْلٌ لّلّذِينَ كَفَرُواْ مِن مّشْهِدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ } .

يقول تعالى ذكره : فاختلف المختلفون في عيسى ، فصاروا أحزابا متفرّقين من بين قومه ، كما :

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : ثني الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : فاخْتَلَفَ اْلأحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ قال : أهل الكتاب .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، مثله .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : فاخْتَلَفَ اْلأحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ ذُكر لنا أن لما رُفع ابن مريم ، انتخبت بنو إسرائيل أربعة من فقهائهم ، فقالوا للأوّل : ما تقول في عيسى ؟ قال : هو الله هبط إلى الأرض ، فخلق ما خلق ، وأحيا ما أحيا ، ثم صَعِد إلى السماء ، فتابعه على ذلك ناس من الناس ، فكانت اليعقوبية من النصارى وقال الثلاثة الاَخرون : نشهد أنك كاذب ، فقالوا للثاني : ما تقول في عيسى ؟ قال : هو ابن الله ، فتابعه على ذلك ناس من الناس ، فكانت النّسطورية من النصارى وقال الاثنان الاَخران : نشهد أنك كاذب ، فقالوا للثالث : ما تقول في عيسى ؟ قال : هو إله ، وأمه إله ، والله إله ، فتابعه على ذلك ناس من الناس ، فكانت الإسرائيلية من النصارى ، فقال الرابع : أشهد أنك كاذب ، ولكنه عبد الله ورسوله ، هو كلمة الله وروحه فاختصم القوم ، فقال المرء المسلم : أنشُدكم الله ما تعلمون أن عيسى كان يَطعم الطعام ، وأن الله تبارك وتعالى : لا يطعم الطعام قالوا : اللهمّ نعم ، قال : هل تعلمون أن عيسى كان ينام ؟ قالوا : اللهمّ نعم ، قال فخصمهم المسلم قال : فاقتتل القوم . قال : فذُكر لنا أن اليعقوبية ظهرت يومئذٍ وأصيب المسلمون ، فأنزل الله في ذلك القرآن : إنّ الّذِينَ يَكْفُرُونَ بآياتِ الله وَيَقْتُلُونَ النّبِيّينَ بغَيْرِ حَقّ وَيَقْتُلُونَ الّذِينَ يَأمْرُوُنَ بِالقِسْطِ مِنَ النّاسِ فَبَشّرْهُمْ بِعَذَابٍ ألِيمٍ .

حدثنا الحسن ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا معمر ، عن قتادة فاخْتَلَفَ اْلأحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ اختلفوا فيه فصاروا أحزابا . .

وقوله : فَوَيْلٌ للّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ يقول : فوادي جهنم الذي يدعي ويلاً للذين كفروا بالله ، من الزاعمين أن عيسى لله ولد ، وغيرهم من أهل الكفر به من شهودهم يوما عظيما شأنه ، وذلك يوم القيامة . وكان قتادة يقول في تأويل ذلك ما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قال الله : فَوَيْلٌ للّذِينَ كَفَرُوا مِنْ مَشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ شهدوا هولاً إذا عظيما .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَٱخۡتَلَفَ ٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَيۡنِهِمۡۖ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن مَّشۡهَدِ يَوۡمٍ عَظِيمٍ} (37)

هذا ابتداء خبر من الله تعالى لمحمد عليه السلام بأن بني اسرائيل اختلفوا أحزاباً أي فرقاً ، وقوله { من بينهم } معناه أن الاختلاف لم يخرج عنهم بل كانوا المختلفين . وروي في هذا عن قتادة أن بني اسرائيل جمعوا من أنفسهم اربعة أحبار غاية في المكانة والجلالة عندهم وطلبوهم بأن يبينوا أمر عيسى فقال احدهم : عيسى هو الله نزل إلى الأرض فأحيا من أحيا وأمات ثم صعد ، فقال له الثلاثة كذبت واتبعه اليعقوبية ، ثم قيل للثلاثة فقال أحدهم : عيسى ابن الله فقال له الاثنان كذبت واتبعه النسطورية ، ثم قيل للاثنين فقال أحدهم عيسى أحد ثلاثة الله إله ، ومريم إله ، وعيسى إله ، فقال له الرابع كذبت واتبعه الإسرائيلية ، فقيل للرابع فقال عيسى عبد الله وكلمته ألقاها الى مريم فاتبع كل واحد من الأربعة فريقاً من بني اسرائيل ثم اقتتلوا فغلب المؤمنون وقتلوا وظهرت اليعقوبية على الجميع . وروي أن في ذلك نزلت { إن الذين يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس فبشرهم بعذاب أليم }{[7963]} [ آل عمران : 21 ] . و «الويل » الحزن والثبور ، وقيل ويل واد في جهنم ، و { مشهد يوم عظيم } هو مشهد يوم القيامة ويحتمل أن يراد ب { مشهد يوم عظيم } يوم قتل المؤمنون حين اختلف الأحزاب ، وقد أشار إلى هذا المعنى قتادة .


[7963]:الآية (21) من سورة (آل عمران).