الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{فَٱخۡتَلَفَ ٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَيۡنِهِمۡۖ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن مَّشۡهَدِ يَوۡمٍ عَظِيمٍ} (37)

قوله تعالى : " فاختلف الأحزاب من بينهم " " من " زائدة أي اختلف الأحزاب بينهم . وقال قتادة : أي ما بينهم فاختلفت الفرق أهل الكتاب في أمر عيسى عليه السلام فاليهود بالقدح والسحر . والنصارى قالت النسطورية منهم : هو ابن الله . والملكانية ثالث ثلاثة . وقالت اليعقوبية : هو الله ، فأفرطت النصار وغلت ، وفرطت اليهود وقصرت . وقد تقدم هذا في " النساء " {[10849]} وقال ابن عباس : المراد من الأحزاب الذين تحزبوا على النبي صلى الله عليه وسلم وكذبوه من المشركين . " فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم " أي من شهود يوم القيامة ، والمشهد بمعنى المصدر ، والشهود الحضور ويجوز أن يكون الحضور لهم ، ويضاف إلى الظرف لوقوعه فيه ، كما يقال : ويل لفلان من قتال يوم كذا ، أي من حضوره ذلك اليوم . وقيل : المشهد بمعنى الموضع الذي يشهده الخلائق ، كالمحشر للموضع الذي يحشر إليه الخلق . وقيل : فويل للذين كفروا من حضورهم المشهد العظيم الذي اجتمعوا فيه للتشاور ، فأجمعوا على الكفر بالله ، وقولهم : إن الله ثالث ثلاثة .


[10849]:راجع جـ 6 ص 21 فما بعد وص 374 فما بعد.