محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{فَٱخۡتَلَفَ ٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَيۡنِهِمۡۖ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن مَّشۡهَدِ يَوۡمٍ عَظِيمٍ} (37)

{ فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ } .

{ فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ } أي اختلف قول أهل الكتاب في عيسى ، بعد بيان أمره ووضوح حاله . وأنه عبده ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه . فأصرت اليهود منهم على بهت أمه وقرفه بالسحر . وانقسمت النصارى في أمره انقساما يفوت الحصر . وكله ضلال وشرك وكفر . وقد هدى الله الذين آمنوا لما اختلف فيه من الحق بإذنه . وهذا من فضله تعالى ومنه : { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ } يعني بالذين كفروا ، المختلفين . عبر عنهم بالموصول إيذانا بكفرهم جميعا وإشعارا بعلة الحكم . وفي { مشهد } ستة أوجه . لأنه مصدر ميمي أو اسم زمان أو مكان . وعلى كل فهو إما من ( الشهود ) أي الحضور أو ( الشهادة ) . وهذا معنى قول الزمخشري : أي في شهودهم هول الحساب والجزاء إلى يوم القيامة . أو من مكان الشهود فيه وهو الموقف . أو من وقت الشهود . أو من شهادة ذلك اليوم عليهم . وأن تشهد عليهم الملائكة والأنبياء وألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بالكفر وسوء الأعمال . أو من مكان الشهادة أو وقتها .

وقيل : معناه ما شهدوا به في عيسى وأمه . فعظمه لعظم ما فيه أيضا . كقوله : كبرت كلمة تخرج من أفواههم } وفيه وعيد لهم وتهديد شديد . وذلك لأنه لا أظلم ممن كذب بالحق لما جاءه .