الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{فَٱخۡتَلَفَ ٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَيۡنِهِمۡۖ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن مَّشۡهَدِ يَوۡمٍ عَظِيمٍ} (37)

وقوله : { فاختلف الأحزاب مِن بَيْنِهِمْ } [ مريم : 37 ] .

هذا ابتداء خبر من الله تعالى لمحمدٍ صلى الله عليه وسلم بأَن بني إسْرَائِيلَ اختلفوا أَحزاباً ، أيْ : فرقاً ، وقوله : { مِن بَيْنِهِمْ } بمعنى : من تلقَائِهم ، ومن أَنْفسِهم ثار شرُّهم ، وأنّ الاِخْتلاف لم يخرج عنهم بل كانوا هم المختلفين . وروي في هذا عن قتادةَ : أَنَّ بني إسْرَائِيلَ جمعوا من أَنفسهم أَربعة أحبار غاية في المَكَانةِ والجَلاَلة عندهم ، وطلبوهم أن يبيِّنُوا لهم أَمْرَ عيسى ، فقال أَحَدُهم : عيسى هو اللّهُ تعالى اللّه عن قولهم ،

وقال له الثلاثة : كذبتَ ، واتبعه اليعقوبيةُ ، ثم قِيلَ للثلاثة ، فقال أحدهم : عيسى ابنُ اللّه ، [ تعالى اللّه عن قولهم ] ، فقال له الاِثنان : كذبت واتبعه النُّسْطُورِيَّةُ ، ثم قيل للاِثنين ، فقال أَحدهما : عيسى أحد ثلاثةٍ : اللّه إله ، ومريم إله ، وعيسى إله ، [ تعالى اللّه عن قولهم عُلوّاً كبيراً ] ، فقال له الرابعُ : كذبت ، واتَّبَعَتْهُ الإِسْرَائِيلية فقِيلَ للرابع ، فقال : عيسى عبدُ اللّه ، وكلمتُه أَلقاها إلى مريم ، فاتّبعَ كلَّ واحد فريقٌ من بني إسْرَائِيل ، ثم اقْتَتلُوا فغُلِبَ المؤمنون ، وقُتِلوا ، وظَهَرَت اليَعْقُوبيّة على الجميع .

و«الويل » : الحزنُ ، والثُّبور ، وقِيلَ : «الويل » وَادٍ في جَهَنَّم و{ مَّشْهدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ } هو يوم القيامة .