غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{فَٱخۡتَلَفَ ٱلۡأَحۡزَابُ مِنۢ بَيۡنِهِمۡۖ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن مَّشۡهَدِ يَوۡمٍ عَظِيمٍ} (37)

16

{ فاختلف الأحزاب من بينهم } أي من بين أهل الكتاب . قال الكلبي : هم اليهود والنصارى . وقيل : النصارى اختلفوا ثم اتفقوا على أن يرجعوا إلى علماء زمانهم وهم يعقوب ونسطور وملكا فقيل للأول : ما تقول في عيسى ؟ فقال : هو الله هبط إلى الأرض فخلق وأحيا ثم صعد إلى السماء فتبعه على ذلك خلق كثير وهم اليعقوبية . وسئل الثاني فقال : هو ابن الله فتابعه جم غفير وهم النسطورية ، وسئل الثالث فقال : كذبوا وإنما كان عبداً مخلوقاً نبياً يطعم وينام فصارا خصمه وهو المؤمن المسلم . وقيل : كانوا أربعة والرابع اسمه إسرائيل فقال : هو إله وأمه إله والثلاثة أقانيم والروح واحد . واعلم أن بحث الحلول والاتحاد فيه طول وقد ينجر الكلام فيه إلى مقامات يصعب الترقي إليها ، فلذلك ضل فيه من ضل وزل عنه من زل والله سبحانه أعلى من جميع ذلك وأجل { فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم } أي من شهودهم هذا الجزاء والحساب في ذلك اليوم ، أو من زمان شهودهم ، أو من مكان شهودهم فيه وهو الموقف . ويحتمل أن يكون المشهد ومن الشهادة أي من يشهد عليهم الملائكة والأنبياء أو جوارحهم فيه بالكفر والقبائح ، أو من مكان الشهادة أو وقتها . وقيل : هو ما قالوه وشهدوا به في عيسى وأمه يوم ولادته . ومعنى " من " التعليل أي الويل لهم من أجل المشهد وبسببه قال أهل البرهان : إنما قال ههنا { فويل للذين كفروا } وفي حم الزخرف { فويل للذين ظلموا } [ الآية : 65 ] لأن الكفر أبلغ من الظلم ، وقصة عيسى في هذه السورة مشروحة وفيها ذكر نسبتهم إياه إلى الله حتى قال : { ما كان لله أن يتخذ من ولد } فذكر بلفظ الكفر ، وقصتهم في الزخرف مهملة فوصفهم بلفظ دونه وهو الظلم . قلت : ويحتمل أن يقال : الظلم إذا أريد به الشرك كان أخص من الكفر فعمم أولاً ثم خصص لأن البيان بالمقام الثاني أليق .

/خ40