المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِذۡ تَلَقَّوۡنَهُۥ بِأَلۡسِنَتِكُمۡ وَتَقُولُونَ بِأَفۡوَاهِكُم مَّا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞ وَتَحۡسَبُونَهُۥ هَيِّنٗا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٞ} (15)

15- فقد تناقلتم الخبر بألسنتكم وأشعتموه بينكم ، ولم يكن عندكم علم بصحته ، وتظنون أن هذا العمل هين ، لا يعاقب الله عليه ، أو يكون عقابه يسيراً مع أنه خطير يعاقب الله عليه أشد العقاب .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِذۡ تَلَقَّوۡنَهُۥ بِأَلۡسِنَتِكُمۡ وَتَقُولُونَ بِأَفۡوَاهِكُم مَّا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞ وَتَحۡسَبُونَهُۥ هَيِّنٗا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٞ} (15)

القول في تأويل قوله تعالى : { إِذْ تَلَقّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مّا لّيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيّناً وَهُوَ عِندَ اللّهِ عَظِيمٌ } .

يقول تعالى ذكره : لمسّكم فيما أفضتم فيه من شأن عائشة عذاب عظيم ، حين تلقّونه بألسنتكم . و«إذ » من صلة قوله «لمسّكم » . ويعني بقوله : تَلَقّوْنَهُ تتلقون الإفك الذي جاءت به العصبة من أهل الإفك ، فتقبلونه ، ويرويه بعضكم عن بعض يقال : تلقيّت هذا الكلام عن فلان ، بمعنى أخذته منه وقيل ذلك لأن الرجل منهم فيما ذُكر يَلْقى آخر فيقول : أَوَ مَا بلغك كذا وكذا عن عائشة ؟ ليُشِيع عليها بذلك الفاحشة . وذكر أنها في قراءة أُبيّ : «إذْ تَتَلقّوْنَهُ » بتاءين ، وعليها قَرَأَهُ الأمصار ، غير أنهم قرءوها : تَلَقّوْنَهُ بتاء واحدة ، لأنها كذلك في مصاحفهم . وقد رُوِي عن عائشة في ذلك ، ما :

حدثني به محمد بن عبد الله بن عبد الحكَم ، قال : حدثنا خالد بن نزار ، عن نافع ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة زوج النبيّ صلى الله عليه وسلم ، أنها كانت تقرأ هذه الآية : «إذْ تَلِقُوْنَهُ بألْسِنَتِكُمْ » تقول : إنما هو وَلْق الكذب ، وتقول : إنما كانوا يَلِقُون الكذب . قال ابن أبي مليكة : وهي أعلم بما فيها أنزلت .

قال نافع : وسمعت بعض العرب يقول : اللّيْق : الكذب .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يحيى بن واضح ، قال : حدثنا نافع بن عمر بن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الجَمَحِيّ ، عن ابن أبي مليكة ، عن عائشة ، أنها كانت تقرأ : «إذْ تَلِقُونَهُ بألْسِنَتُكُمْ » وهي أعلم بذلك وفيها أنزلت ، قال ابن أبي مليكة : هو من وَلْق الكذب .

قال أبو جعفر : وكأن عائشة وَجّهت معنى ذلك بقراءتها «تلِقُونَهُ » بكسر اللام وتخفيف القاف ، إلى : إذ تستمرّون في كذبكم عليها وإفككها بألسنتكم ، كما يقال : وَلَق فلان في السير فهو يَلِق : إذا استمرّ فيه وكما قال الراجز :

إنّ الجُلَيْدَ زَلِقٌ وَزُمَلِقْ *** جاءتْ بِهِ عَنْسٌ مِنَ الشّأَمِ تَلِقْ

*** مجَوّعُ البَطْنِ كِلابِيّ الخُلُقْ ***

وقد رُوي عن العرب في الوَلْق : الكذب : الأَلْق ، والإِلق : بفتح الألف وكسرها ، ويقال في فعلت منه : أَلِقْتُ ، فأنا أَلِقُ وقال بعضهم :

مَنْ لِيَ بالمُزَرّرِ اليَلامِقِ *** صاحِبِ أدْهانٍ وألْقٍ آلِقِ

والقراءة التي لا أستجيز غيرها : إذْ تَلَقّوْنَهُ على ما ذكرت من قراءة الأمصار ، لإجماع الحجة من القرّاء عليها .

وبنحو الذي قلنا من التأويل في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد : إذْ تَلَقّوْنَهُ بألْسِنَتِكُمْ قال : تَرْوُونه بعضُكم عن بعض .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : إذْ تَلَقّوْنَهُ قال : تَرْوُونه بعضُكم عن بعض .

قوله : وَتَقُولُونَ بأفْوَاهِكُمْ ما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ يقول تعالى ذكره : وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم من الأمر الذي تَرْوُونه ، فتقولون : سمعنا أن عائشة فعلت كذا وكذا ، ولا تعلمون حقيقة ذلك ولا صحته . وَتَحْسَبُونَهُ هَيّنا وتظنون أن قولكم ذلك وروايتكموه بألسنتكم وتلقّيكموه بعضكم عن بعض ، هَيّنٌ سهل ، لا إثم عليكم فيه ولا حرج . وَهُوَ عِنْدَ اللّهِ عَظِيمٌ يقول : وتلقّيكم ذلك كلك وقولُكموه بأفواهكم ، عند الله عظيم من الأمر لأنكم كنتم تؤذون به رسول الله صلى الله عليه وسلم وحليلته .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِذۡ تَلَقَّوۡنَهُۥ بِأَلۡسِنَتِكُمۡ وَتَقُولُونَ بِأَفۡوَاهِكُم مَّا لَيۡسَ لَكُم بِهِۦ عِلۡمٞ وَتَحۡسَبُونَهُۥ هَيِّنٗا وَهُوَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيمٞ} (15)

{ إذ } ظرف { لمسكم } أو { أفضتم } . { تلقونه بألسنتكم } يأخذه بعضكم من بعض بالسؤال عنه يقال تلقى القول كتلقفه وتلقنه ، قرىء " تتلقونه " على الأصل و { تلقونه } من لقيه إذا لقفه و { تلقونه } بكسر حرف المضارعة و { تلقونه } من إلقائه بعضهم على بعض ، و { تلقونه } و " تألقونه " من الألق والألق وهو الكذب ، و " تثقفونه " من ثقفته إذا طلبته فوجدته و " تقفونه " أي تتبعونه . { وتقولون بأفواهكم } أي و تقولون كلاما مختصا بالأفواه بلا مساعدة من القلوب . { ما ليس لكم به علم } لأنه ليس تعبيرا عن علم به في قلوبكم كقوله تعالى : { يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم } . { وتحسبونه هينا } سهلا لا تبعة له . { وهو عند الله عظيم } في الوزر واستجرار العذاب ، فهذه ثلاثة آثام مترتبة علق بها مس العذاب العظيم ، تلقي الإفك بألسنتهم والتحدث به من غير تحقق واستصغارهم لذلك وهو عند الله عظيم .