ثم ختم - سبحانه - هذه الآيات ببيان ما آل إليه أمر آدم فقال - تعالى - { قَالَ اهبطا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ . . . } .
فالضمير فيها يعود إلى آدم وزوجته وذريتهما .
وقوله : { بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } أى : بعض ذريتكما لبعض عدو ، بسبب التخاصم والتنازع والتدافع على حطام هذه الدنيا .
{ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى } يا بنى آدم عن طريق إرسال الرسل وإنزال الكتب فعليكم أن تتبعوا رسلى ، وتعملوا بما اشتملت عليه كتبى .
{ فَمَنِ اتبع هُدَايَ } بأن آمن برسلى وصدق بكتبى .
{ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يشقى } لا فى الدنيا ولا فى الآخرة ، بسبب استمساكه بالعروة الوثقى التى لا انفصام لها .
وشبيه هذه الآية قوله - تعالى - : { قُلْنَا اهبطوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }
يقول تعالى لآدم وحواء وإبليس : اهبطوا منها جميعًا ، أي : من الجنة كلكم . وقد بسطنا ذلك في سورة البقرة " .
{ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } قال : آدم وذريته ، وإبليس وذريته .
وقوله : { فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى } قال أبو العالية : الأنبياء والرسل والبيان .
{ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى } قال ابن عباس : لا يضل في الدنيا ، ولا يشقى في الآخرة .
{ قال اهبطا منها جميعا } الخطاب لآدم وحواء ، أو له ولإبليس ولما كانا أصلي الذرية خاطبهما مخاطبتهم فقال : { بعضكم لبعض عدو } لأمر المعاش كما عليه الناس من التجاذب والتحارب ، أو لاختلال حال كل من النوعين بواسطة الآخر ويؤيد الأول قوله : { فإما يأتينكم مني هدى } كتاب ورسول . { فمن اتبع هداي فلا يضل } في الدنيا { ولا يشقى } في الآخرة .
وقوله { اهبطا } مخاطبة لآدم وحواء ، ثم أخبرهما بقوله { جميعاً } أن إبليس والحية يهبطان معهما وأخبرهما بأن العداوة بينهم وبين أنسالهم إلى يوم القيامة . و { عدو } يوصف به الواحد والاثنان والجميع ، وقوله تعالى : { فإما يأتيكم مني هدى } شرط وجوابه في قوله { فمن اتبع } وما بعده إلى آخر القسم الثاني . و «الهدى » معناه دعوة شرعي ثم أعلمهم أنه من اتبع هداه وآمن به فإنه «لا يضل » في الدنيا { ولا يشقى } في الآخرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.