ثم فصل - سبحانه - بعد ذلك حال كل فريق منهم ، وبين ما نزل به من عذاب مهين فقال : { فَأَمَّا عَادٌ فاستكبروا فِي الأرض بِغَيْرِ الحق وَقَالُواْ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً . . . } .
أى : هذا هو قولهم على سبيل الإجمال لرسلهم ، وإليك جانبا من حال قوم عاد ، ومن أقوالهم الباطلة .
إنهم قد استكبروا فى الأرض بغير الحق . واغتروا بما بين أيديهم من نعم ، وقالوا على سبيل التباهى والتفاخر والتكبر : من أشد منا قوة .
وقيد استكبارهم فى الأرض بأنه بغير الحق . لبيان واقعهم ، حيث كانوا كما وصفهم الله - تعالى - فى آيات أخرى متجبرين متعالين على غيرهم ، ومن ذلك قوله - تعالى : { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ . وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ . وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ } الاستفهام فى قوله - تعالى - الذى حكاه عنهم { مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } للإنكار والنفى .
أى : لا أحد أقوى منا ، فنحن فى استطاعتنا أن ندفع كل عذاب ينزل بنا ، وهذا هو الشعور الكاذب الذى يشعر به الطغاة الجاهلون فى كل زمان ومكان .
وقد رد الله - تعالى - عليهم وعلى أمثالهم ردا منطقيا حكيما يخرس ألسنتهم فقال : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ الله الذي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُواْ بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ } .
أى : اعموا وصموا عن الحق ، ولم يعلموا أن الله - تعالى - الذى أجدهم من العدم ، هو - سبحانه - أشد منهم قوة وبأسا .
إنهم لغرورهم وجهالاتهم نسوا كل ذلك ، وكانوا بآياتنا الدالة على قدرتنا ووحدانيتنا يجحدون ، ويعاندون وينكرون الحق الذى جاءتهم به رسلهم .
قال الله تعالى : { فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبرَوُا فِي الأرْضِ [ بِغَيْرِ الحَقِّ ] } {[25648]} أي : بغوا وعتوا وعصوا ، { وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } أي : منوا بشدة تركيبهم وقواهم ، واعتقدوا أنهم يمتنعون به من بأس الله ! { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } أي : أفما يتفكرون {[25649]} فيمن يبارزون بالعداوة ؟ فإنه العظيم الذي خلق الأشياء وركب فيها قواها الحاملة لها ، وإن بطشه شديد ، كما قال تعالى : { وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ } [ الذاريات : 47 ] ، فبارزوا الجبار بالعداوة ، وجحدوا بآياته وعصوا رسوله ، فلهذا قال : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.