المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{طَلۡعُهَا كَأَنَّهُۥ رُءُوسُ ٱلشَّيَٰطِينِ} (65)

65- ثمرها قبيح المنظر ، كريه الصورة ، تنفر منه العيون كأنه رؤوس الشياطين التي لم يرها الناس ، ولكن وقع في وهمهم شناعتها وقبح منظرها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{طَلۡعُهَا كَأَنَّهُۥ رُءُوسُ ٱلشَّيَٰطِينِ} (65)

ثم بين - سبحانه - ثمرها فقال : { طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشياطين } أى : ثمرها الذى يخرج منها ، وحملها الذى يتولد عنها ، يشبه فى تناهى قبحه وكراهيته ، رؤوس الشياطين التى هى أقبح ما يتصوره العقل ، وأبغض شئ يرد على الخاطر .

قال صاحب الكشاف ما ملخصه : شبه حمل شجرة الزقوم برؤوس الشياطين ، للدلالة على تناهيه فى الكراهة وقبح المنظر ، لأن الشيطان مكروه مستقبح فى طباع الناس ، لاعتقادهم أنه شر محض لا يخالطه خير ، فيقولون فى القبيح الصورة : كأنه وجه شيطان ، أو كأنه رأس شيطان ، وإذا صوره المصورون صوروه على أقبح صورة .

كما أنهم اعتقدوا فى الملك أنه خير محضلا شر فيه ، فشبهوا به الصورة الحسنة ، قال الله - تعالى - : { مَا هذا بَشَراً إِنْ هاذآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ } وهذا تشبيه تخييلى .

وقيل : الشيطان حية عرفاء لها صورة قبيحة المنظر . . فجاء التشبيه بها . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{طَلۡعُهَا كَأَنَّهُۥ رُءُوسُ ٱلشَّيَٰطِينِ} (65)

ولكي يتضح الفارق الهائل بين هذا النعيم الخالد الآمن الدائم الراضي ؛ والمصير الآخر الذي ينتظر الفريق الآخر . فإن السياق يستطرد إلى ما ينتظر هذا الفريق بعد موقف الحشر والحساب الذي ورد في مطلع المشهد الفريد :

( أذلك خير نزلاً أم شجرة الزقوم ! إنا جعلناها فتنة للظالمين . إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم . طلعها كأنه رؤوس الشياطين . فإنهم لآكلون منها فمالئون منها البطون . ثم إن لهم عليها لشوباً من حميم . ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم ) . .

أذلك النعيم المقيم خير منزلاً ومقاماً أم شجرة الزقوم ?

وما شجرة الزقوم ?

( إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم . طلعها كأنه رؤوس الشياطين ) . .

والناس لا يعرفون رؤوس الشياطين كيف تكون ! ولكنها مفزعة ولا شك . ومجرد تصورها يثير الفزع والرعب . فكيف إذا كانت طلعاً يأكلونه ويملأون منه البطون ? !

لقد جعل الله هذه الشجرة فتنة للظالمين . فحين سمعوا باسمها سخروا وقالوا : كيف تنبت شجرة في الجحيم ولا تحترق . وقال قائل منهم هو أبو جهل ابن هشام يسخر ويتفكه : " يا معشر قريش هل تدرون ما شجرة الزقوم التي يخوفكم بها محمد ? قالوا : لا : قال عجوة يثرب بالزبد ! والله لئن استمكنا منها لنزقمنها تزقماً " ! ولكن شجرة الزقوم هذه شيء آخر غير ذلك الطعام الذي كانوا يعرفون !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{طَلۡعُهَا كَأَنَّهُۥ رُءُوسُ ٱلشَّيَٰطِينِ} (65)

{ طلعها } حملها مستعار من طلع التمر لمشاركته إياه في الشكل ، أو الطلوع من الشجر { كأنه رؤوس الشياطين } في تناهي القبح والهول ، وهو تشبيه بالمتخيل كتشبيه الفائق الحسن بالملك . وقيل { الشياطين } حيات هائلة قبيحة المنظر لها أعراف ، ولعلها سميت بها لذلك .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{طَلۡعُهَا كَأَنَّهُۥ رُءُوسُ ٱلشَّيَٰطِينِ} (65)

وقوله تعالى : { كأنه رؤوس الشيطان } اختلف الناس في معناه ، فقالت فرقة : شبه بثمر شجرة معروفة يقال لها { رؤوس الشياطين } وهي بناحية اليمن يقال لها الأستق ، وهو الذي ذكر النابغة في قوله :

تحيد من أستق سوداً أسافله . . . . . . {[9864]}

ويقال إنه الشجرة الذي يقال له الصوم وهو الذي يعني ساعدة بن جوبة في قوله :

موكل بشدوق الصوم يرقبها . . . من المغارب مخطوف الحشا زرم{[9865]}

وقالت فرقة : شبه ب { رؤوس } صنف من الحيات يقال لها الشياطين وهي ذوات أعراف ومنه قول الشاعر : [ الرجز ]

عجيز تحلف حين أحلف . . . كمثل شيطان الحماط أعرف{[9866]}

وقالت فرقة : شبه بما استقر في النفوس من كراهة { رؤوس الشياطين } وقبحها ، وإن كانت لم تر ، وهذا كما تقول للأشعث المنتفش الشعر الكريه المنظر هذا شيطان ونحو هذا قول امرىء القيس : [ الطويل ]

أيقتلني والمشرفي مضاجعي . . . ومسنونة زرق كأنياب أغوال ؟{[9867]}

فإنما شبه بما استقر في النفوس من هيبتها .


[9864]:هذا جزء من بيت قاله النابغة في ميمية مطلعها: بانت سعاد وأمسى حبلها انجذما واحتلت الشرع فالأجزاع من إضما والبيت بتمامه: تحيد من أستن سود أسافله مشي الإماء الغوادي تحمل الحزما وهو في وصف أتان، و(تحيد) معناه: تتجنب، وأستن: شجر يسمى كذلك، واحدها :أستنة بفتح التاء، وهو شجر قبيح الشكل، وقبيح منظر الثمرة، ويقال لثمره: رءوس الشياطين، وقد شبه هذا الشجر الذي تتجنبه الأتان بالإماء السود يمشين وهن يحملن أحزمة الحطب الذي جمعنه من الصحراء، وجملة(مشي الإماء...) حال من (أستن) وقد روي البيت:( أسافلها مثل الإماء)، وقد وقع هذا البيت في هذا الموضع من القصيدة في ديوان النابغة من رواية الأصمعي، وفي شرح البطليوسي، فيكون(تحيد) بالتاء راجعا لكلمة(الخرقاء) في قوله قبل هذا البيت:( وأقطع الخرق بالخرقاء)، ولكنه في رواية أخرى جاء بعد موضعه هذا بثلاثة أبيات، وعلى ذلك يكون(يحيد) بالياء لأن الكلام يعود على مذكر.
[9865]:البيت في اللسان(صَوَم)، قال: "والصوم: شجر على شكل شخص الإنسان، كريه المنظر جدا، يقال لثمره: رءوس الشياطين، ويعني بالشياطين الحيات، وليس له ورق، وقال أبو حنيفة: للصوم هدب، ولا تنتشر أفنانه، ينبت نبات الأثل ولا يطول طوله، وأكثر منابته بلاد بني شبانة، قال ساعدة بن جؤيّة: موكل...البيت".والشدوف:الشخوص، فهو موكل بها، يرقبها من الرعب يحسبها ناسا. ومن المعازب: من حيث يعزب عنه الشيء، أي: يتباعد. ومخطوف الحشا: ضامره، وزرم: لا يثبت في مكان.
[9866]:هذان البيتين من مشطور الرجز، وهما في اللسان(عنجرد)،واستشهد بهما الفراء في(معاني القرآن)، والعنجرد: المرأة الخبيثة سيئة الخلق، وقيل: السليطة، والحَمَاط: جنس من الحيات تسميه العرب: شيطان الحماط، يقال: شيطان حماط، كما يقال: ذئب غضبى، وتيس حلب، وأعرف: له عرف. والشاعر يشبه هذه المرأة الخبيثة بحية لها عرف.
[9867]:البيت من لاميته التي يتغزل فيها ويصف مغامراته وصيده وسعيه إلى المجد، والحديث في البيت عن بعل المعشوقة التي أحبته وهجرت زوجها، فقال عنها وعنه:"فأصبحت معشوقا وأصبح بعلها عليه القتام..."، وهو في البيت يستنكر أن يستطيع هذا الزوج قتله؛ لأنه يجيد استعمال السيف والنبال، أما هذا الزوج فكما قال امرؤ القيس بعد ذلك:"وليس بذي رمح، وليس بذي سيف، وليس بنبّال". والمشرفي هو السيف، والمسنونة الزرق: النبال، وقد شبهها بأنياب الأغوال، والغول غير معروفة، وهذا النوع من التشبيه يسمى التشبيه الوهمي؛ لأن الشاعر يتوهم شيئا في نفسه، أو يتصور له صورة وإن كان غير مرئي، وتصبح هذه الصورة المتوهمة مرسومة في النفوس، ومن ذلك أن العرب يتصورون كل قبيح في صورة الشيطان، ويتصورون كل حسن في صورة المَلَك، وقد أخبر سبحانه وتعالى عن صواحب يوسف بقوله:{ما هذا بشر إن هذا إلا مَلَك كريم}، وقد يسمى هذا التشبيه التشبيه التخييلي؛ لأن صورة المتشبه به متخيلة. والبيت في اللسان(غول)، و(مجمع البيان)، و(مختار الشعر الجاهلي)، و(روح المعاني)، والديوان.