وقوله - سبحانه - { وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلاَلُهَا . . . } معطوف على قوله قبل ذلك : { متكئين }
و " ضلالها " فاعال " دانية " والضمير فى " ضلالها " يعود إلى الجنة .
أى : أن الأبرار فى الجنة جلسة الناعم البال ، المنشرح الصدر . وظلال الأشجار الجنة قريبة منهم ، ومحيطة بهم ، زيادة فى إكرامهم .
{ وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً } أى : أنهم - فضلا عن ذلك - قد سخرت لهم ثمار الجنة تسخيرا ، وسهل الله - تعالى - لهم تناولها تسهيلا عظيما ، بحيث إن القاعد منهم والقائم والمضجع ، يستطيع أن يتناول هذه الثمار هذه الثمار اللذيذة بدون جهد أو تعب .
فقوله - تعالى - : { وَذُلِّلَتْ } من التذليل بمعنى الانقياد والتسخير ، يقال : ذُلّل الكرم - بضم الذال - إذا تدلت عناقيده وصارت فى متناول اليد . والقطوف : جمع قطف - بكسر القاف - وهو العنقود حين يُقْطَف أو الثمار المقطوفة .
{ وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُهَا } أي : قريبة إليهم أغصانها ، { وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلا } أي : متى تعاطاه دنا القطْفُ إليه وتدلى من أعلى غصنه ، كأنه سامع طائع ، كما قال تعالى في الآية الأخرى : { وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ } [ الرحمن : 54 ] وقال تعالى { قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ } [ الحاقة : 23 ]
قال{[29602]} مجاهد : { وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلا } إن قام ارتفعت بقَدْره ، وإن قعد تَدَلَّتْ{[29603]} له حتى ينالها ، وإن اضطجع تَدَلَّت{[29604]} له حتى ينالها ، فذلك قوله : { تَذْلِيلا }
وقال قتادة : لا يرد أيديهم عنها شوكٌ ولا بُعدٌ .
وقال مجاهد : أرض الجنة من وَرق ، وترابها المسك ، وأصول شجرها من ذهب وفضة ، وأفنانها من اللؤلؤ الرطب والزبرجد والياقوت ، والوَرَق والثمر بين ذلك . فمن أكل منها قائما لم يؤذه ، ومن أكل منها قاعدا لم يؤذه ، ومن أكل منها مضطجعًا لم يؤذه .
اختلف النحويون في إعراب قوله تعالى : { ودانية } ، فقال الزجاج وغيره : هو حال عطفاً على { متكئين } [ الإنسان : 13 ] وقال أيضاً : ويجوز أن يكون صفة للجنة ، فالمعنى وجزاهم جنة دانية{[11517]} ، وقرأ جمهور الناس «دانية » وقرأ الأعمش «ودانياً عليهم » وقرأ أبو جعفر «ودانيةٌ » بالرفع وقرأ أبيّ بن كعب «ودانٍ » مفرد مرفوع في الإعراب ، ودنوا الظلال بتوسط أنعم لها ، لأن الشيء المظل إذا بعد فترة ظله لا سيما من الأشجار والتذليل أن تطيب الثمرة فتتدلى وتنعكس نحو الأرض ، و «التذليل » في الجنة هو بحسب إرادة ساكنيها ، قال قتادة ومجاهد وسفيان : إن كان الإنسان قائماً تناول الثمر دون كلفة وإن كان قاعداً فكذلك ، وإن كان مضطجعاً فكذلك . فهذا تذليلها لا يرد عنها بعد ولا شوك . ومن اللفظة قول امرىء القيس : [ الطويل ]
كأنبوب السقي المذلل{[11518]}*** ومنه قول الأنصاري : والنخل قد ذللت فهي مطوقة بثمرها . و { القطوف } : جمع قطف وهو العنقود من النخل والعنب ونحوه . والعنب ونحوه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.