المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا} (23)

23 - وقالوا لهم : لا تترُكنَّ عبادة آلهتكم ، ولا تترُكُنَّ ودَّا ولا سواعاً ولا يغُوثَ ويعُوقَ ونسرا - وكانت أصناماً منحوتة على صور مختلفة من الحيوان - وقد أضل هؤلاء المتبوعون كثيراً من الناس ، ولا تزد الظالمين لأنفسهم بالكفر والعناد إلا بُعداً عن الحق .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا} (23)

وكان من مظاهر مكرهم - أيضا - ما حكاه القرآن بعد ذلك عنهم فى قوله : { وَقَالُواْ لاَ تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً } .

أى : ومن مظاهر مكر هؤلاء الرؤساء أنهم قالوا لأتباعهم . احذروا أن تتركوا عبادة آلهتكم ، التى وجدتم على عبادتها آباءكم ، واحذروا أيضا أن تتركوا عبادة هذه الأصنام الخمسة بصفة خاصة ، وهى : ود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا .

قال الإِمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية ما ملخصه : وهذه أسماء أصنامهم التى كانوا يعبدونها من دون الله . فقد روى البخارى عن ابن عباس : صارت الأوثان التى كانت فى قوم نوح فى العرب بعد ، أما " ود " فكانت لقبيلة بنى كلب بدومة الجندل . وأما " سواع " فكانت لهذيل ، وأما " يغوث " فكانت لبنى غطيف ، وأما " يعوق " فكانت لهمدان ، وأما " نسر " فكانت لحمير .

وهى أسماء رجال صالحين من قوم نوح - عليه السلام - فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم ، أن انصبوا إلى مجالسهم التى كانوا يجلسون عليها أنصابا ، وسموها بأسمائهم ففعلوا .

وقال ابن جرير : كانوا قوما صالحين بين آدم ونوح ، وكان لهم أتباع يقتدون بهم ، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدرون بهم : لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم ، فصوروهم ، فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس فقال : إنما كانوا يعبدونهم ، وبهم يسقون المطر . فعبدوهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا} (23)

وكان من مكرهم تحريض الناس على الاستمساك بالأصنام التي يسمونها آلهة : ( وقالوا : لا تذرن آلهتكم ) . . بهذه الإضافة : ( آلهتكم )لإثارة النخوة الكاذبة والحمية الآثمة في قلوبهم . وخصصوا من هذه الأصنام أكبرها شأنا فخصوها بالذكر ليهيج ذكرها في قلوب العامة المضللين الحمية والاعتزاز . . ( ولا تذرن ودا ، ولا سواعا ، ولا يغوث ، ويعوق ، ونسرا ) . . وهي أكبر آلهتهم التي ظلت تعبد في الجاهليات بعدهم إلى عهد الرسالة المحمدية .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا} (23)

وهذه أسماء أصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون الله .

قال البخاري : حدثنا إبراهيم ، حدثنا هشام ، عن ابن جريج ، وقال عطاء ، عن ابن عباس : صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد : أما وَد : فكانت لكلب بدومة الجندل ، وأما سواع : فكانت لهذيل ، وأما يغوث فكانت لمراد ، ثم لبني غُطَيف بالجُرُف عند سبأ ، أما يُعوقُ : فكانت لهَمْدان ، وأما نسر : فكانت لحمير لآل ذي كَلاع ، وهي{[29349]} أسماء رجال صالحين من قوم نوح ، عليه السلام ، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم . ففعلوا ، فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك وتَنَسَّخَ{[29350]} العلم عُبِدت{[29351]}

وكذا رُوي عن عكرمة ، والضحاك ، وقتادة ، وابن إسحاق ، نحو هذا .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : هذه أصنام كانت{[29352]} تعبد في زمن نوح .

وقال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن موسى ، عن محمد بن قيس { [ يَغُوثَ ] وَيَعُوقَ وَنَسْرًا } {[29353]} قال : كانوا قوما صالحين بين آدم ونوح ، وكان لهم أتباع يقتدون بهم ، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم : لو صَوَرناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم . فصوروهم ، فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس فقال : إنما كانوا يعبدونهم وبهم يسقون المطر ، فعبدوهم . {[29354]}

وروى الحافظ ابن عساكر في ترجمة شيث ، عليه السلام ، من طريق إسحاق بن بشر قال : وأخبرني جُويبر ومقاتل ، عن الضحاك ، عن ابن عباس أنه قال : ولد لآدم عليه السلام ، أربعون ولدا ، عشرون غلاما وعشرون جارية ، فكان ممن عاش منهم : هابيل ، وقابيل ، وصالح ، وعبد الرحمن - والذي كان سماه عبد الحارث - ووَدّ ، وكان وَدّ يقال له " شيث " ويقال له : " هبة الله " وكان إخوته قد سَوّدوه ، وولد له سَوَاع ويغوث ويعوق ونسر . {[29355]}

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو عُمَر الدّوريُّ ، حدثني أبو إسماعيل المؤدّب ، عن عبد الله بن مسلم بن هُرمز عن أبي حزْرَة ، عن عروة بن الزبير قال : اشتكى آدم ، عليه السلام ، وعنده بنوه : ود ، ويغوث ، [ ويعوق ]{[29356]} وسواع ، ونسر - قال وكان وَدّ أكبَرهم وأبرّهم به .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن منصور ، حدثنا الحسن بن موسى ، حدثنا يعقوب ، عن أبي المطهر قال : ذكروا عند أبي جعفر - وهو قائم يصلي - يزيد بن المهلب ، قال : فلما انفتل من صلاته قال : ذكرتم يزيدَ بن المهلب ، أما إنه قتل في أول أرض عُبد فيها غيرُ الله . قال : ثم ذكر ودًّا - قال : وكان وَدٌّ رجلا مسلما وكان محببا في قومه ، فلما مات عسكروا حول قبره في أرض بابل وجزعوا عليه ، فلما رأى إبليس جَزَعهم عليه ، تشبه في صورة إنسان ، ثم قال : إني أرى جزعكم على هذا الرجل ، فهل لكم أن أصور لكم مثله ، فيكونَ في ناديكم فتذكرونه ؟ قالوا : نعم . فصُوِّر لهم مثله ، قال : ووضعوه في ناديهم وجعلوا يذكرونه . فلما رأى ما بهم من ذكره قال : هل لكم أن أجعل في منزل كل واحد منكم تمثالا مثله ، فيكون{[29357]} له في بيته فتذكرونه ؟ قالوا : نعم . قال : فمثل لكل أهل بيت تمثالا مثله ، فأقبلوا فجعلوا يذكرونه به ، قال : وأدرك أبناؤهم فجعلوا يرون ما يصنعون به ، قال وتناسلوا ودَرَس أمر ذكرهم إياه ، حتى اتخذوه إلها يعبدونه من دون الله أولاد أولادهم ، فكان أول ما عبد من غير الله : الصنم الذي سموه وَدّا .


[29349]:- (1) في أ: "ونسرا وهي".
[29350]:- (2) في م: "ونسخ".
[29351]:- (3) صحيح البخاري برقم (4920).
[29352]:- (4) في م: "كانت هذه أصنام".
[29353]:- (5) زيادة من م.
[29354]:- (6) تفسير الطبري (29/62).
[29355]:- (7) تاريخ دمشق (8/165) "المخطوط" ).
[29356]:- (8) زيادة من م، أ.
[29357]:- (1) في م: "ليكون".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا} (23)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالُواْ لاَ تَذَرُنّ آلِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً * وَقَدْ أَضَلّواْ كَثِيراً وَلاَ تَزِدِ الظّالِمِينَ إِلاّ ضَلاَلاً } .

يقول تعالى ذكره مخبرا عن إخبار نوح ، عن قومه : وَقالُوا لا تَذَرُنّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنّ وُدّا وَلا سُوَاعا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرا . كان هؤلاء نفرا من بني آدم فيما ذُكر عن آلهة القوم التي كانوا يعبدونها . وكان من خبرهم فيما بلغنا ما :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن موسى ، عن محمد بن قيس وَيَعُوقَ وَنَسْرا قال : كانوا قوما صالحين من بني آدم ، وكان لهم أتباع يقتدون بهم ، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم : لو صوّرناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم ، فصوّروهم ، فلما ماتوا ، وجاء آخرون دبّ إليهم إبليس ، فقال : إنما كانوا يعبدونهم ، وبهم يُسقون المطر فعبدوهم .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن أبيه ، عن عكرِمة ، قال : كان بين آدم ونوح عشرة قرون ، كلهم على الإسلام .

وقال آخرون : هذه أسماء أصنام قوم نوح . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله لا تَذَرُنّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنّ وَدّا وَلا سُوَاعا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرا قال : كان ودّ لهذا الحيّ من كَلْب بدومة الجَندل ، وكانت سُواع لهذيل برياط ، وكان يغوث لبني غُطَيف من مُراد بالجُرْف من سَبأ ، وكان يعوق لهمدان ببلخع ، وكان نسر لذي كلاع من حِمْير قال : وكانت هذه الاَلهة يعبدها قوم نوح ، ثم اتخذها العرب بعد ذلك . واللّهِ ما عدا خشبة أو طينة أو حجرا .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة لا تَذَرُنّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنّ وَدّا وَلا سُوَاعا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرا قال : كانت آلهة يعبدها قوم نوح ، ثم عبدتها العرب بعد ذلك ، قال : فكان ودّ لكلب بدومة الجندل ، وكان سُواعٌ لهُذَيل ، وكان يغوث لبني غطيف من مراد بالجُرف ، وكان يعوق لهمْدان ، وكان نَسْر لذي الكُلاع من حِمْير .

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله لا تَذَرُنّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنّ وَدّا وَلا سُوَاعا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرا قال : هذه أصنام كانت تُعبد في زمان نوح .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرا قال : هذه أصنام ، وكانت تُعبد في زمان نوح .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرا هي آلهة كانت تكون باليمن .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلا يَغُوثَ وَيَعَوقَ وَنَسْرا قال : هذه آلهتهم التي يعبدون .

واختلفت القرّاء في قراءة قوله وَدّا فقرأته عامة قرّاء المدينة : «وُدّا » بضم الواو . وقرأته عامة قرّاء الكوفة والبصرة : وَدّا بفتح الواو .

والصواب من القول في ذلك عندنا أنهما قراءتان معروفتان في قرّاء الأمصار ، فبأيتهما قرأ القارىء فمصيب .