الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا} (23)

{ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً } كأن هذه المسميات كانت أكبر أصنامهم وأعظمها عندهم ، فخصوها بعد قولهم { لاَ تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمْ } وقد انتقلت هذه الأصنام عن قوم نوح إلى العرب ، فكان ودّ لكلب ، وسواع لهمذان ، ويغوث لمذحج ، ويعوق لمراد ، ونسر لحمير ؛ ولذلك سمت العرب بعبد ودّ وعبد يغوث ، وقيل هي أسماء رجال صالحين . وقيل : من أولاد آدم ماتوا ، فقال إبليس لمن بعدهم : لو صورتم صورهم فكنتم تنظرون إليهم ، ففعلوا ؛ فلما مات أولئك قال لمن بعدهم : إنهم كانوا يعبدونهم ؛ فعبدوهم . وقيل : كان ودّ على صورة رجل ، وسواع على صورة امرأة ، ويغوث على صورة أسد ، ويعوق على صورة فرس ، ونسر على صورة نسر . وقرىء «ودّا » بضم الواو . وقرأ الأعمش «ولا يغوثا ويعوقا » بالصرف ، وهذه قراءة مشكلة ، لأنهما إن كانا عربيين أو عجميين ففيهما سببا منع الصرف : إما التعريف ووزن الفعل ، وإما التعريف والعجمة ؛ ولعله قصد الازدواج فصرفهما ، لمصادفته أخواتهما منصرفات ودا وسواعاً ونسراً ، كما قرىء : «وضحاها » بالإمالة ، لوقوعه مع الممالات للازدواج .