المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَمَا نُرِيهِم مِّنۡ ءَايَةٍ إِلَّا هِيَ أَكۡبَرُ مِنۡ أُخۡتِهَاۖ وَأَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡعَذَابِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (48)

48- وكل معجزة من المعجزات التي توالت عليهم إذا نظر إليها قيل : هي أكبر من قرينتها وصاحبتها . وحينما أصروا على الطغيان أصبناهم بأنواع البلايا ، ليرجعوا عن غيهم .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَمَا نُرِيهِم مِّنۡ ءَايَةٍ إِلَّا هِيَ أَكۡبَرُ مِنۡ أُخۡتِهَاۖ وَأَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡعَذَابِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (48)

وقوله - سبحانه - : { وَمَا نُرِيِهِم مِّنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا } بيان لقسوة قلوبهم ، وعدم تأثرهم بالآيات والمعجزات .

أى : وما نريهم من آية دالة على صدق نبينا موسى ، إلا وتكون هذه الآية أكبر من أختها السابقة عليها ، فى الدلالة على ذلك ، مع كون الآية السابقة عظيمة وكبيرة فى ذاتها .

والمقصود بالجملة الكريمة ، بيان أن هؤلاء القوم لم يأتهم موسى - عليه السلام - بآية واحدة تشهد بصدقه فيما جاءهم به من عند ربه ، وإنما أتاهم بمعجزات متعددة ، وكل معجزة أدل على صدقه مما قبلها .

ويصح أن يكون المراد وصف الجميع بالكبر ، على معنى أن كل واحد لكمالها فى ذاتها ، إذا نظر إليها الناظر ، ظنها أكبر من البواقى لاستقلالها بإفادة الغرض الذى جاءت من أجله .

وإلى هذا المعنى أشار صاحب الكشاف بقوله : والغرض بهذا الكلام ، أنهن موصوفات بالكبر ، لا يكدن يتفاوتن فيه ، وكذلك العادة فى الأشياء التى تتلاقى فى الفضل . وتتفاوت منازلها فيه التفاوت اليسير ، أن يختلف آراء الناس فى تفضيلها ، فيفضل بعضهم هذا ، وبعضهم ذاك ، فعلى ذلك بنى الناس كلامهم فقالوا : رأيت رجالا بعضهم أفضل من بعض ، وربما اختلفت آراء الرجل الواحد فيها ، فتارة يفضل هذا وتارة يفضل ذاك ، ومنه بيت الحماسة :

من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم . . . مثل النجوم التى يسرى بها السارى

وقوله - تعالى - : { وَأَخَذْنَاهُم بالعذاب لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } بيان للمصير السيئ الذى آلو إليه .

أى : وأخذناهم بسبب إصرارهم على الكفر والمعاصى ، بالعذاب الدنيوى الشديد لكى يرجعوا عما هم عليه من كفر وفسوق ، ولكنهم لم يرجعوا .

فالمراد بالعذاب هنا العذاب الدنيوى ، الذى أشار إليه - سبحانه - بقوله : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيَاتٍ مّفَصَّلاَتٍ فاستكبروا وَكَانُواْ قَوْماً مُّجْرِمِينَ }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَمَا نُرِيهِم مِّنۡ ءَايَةٍ إِلَّا هِيَ أَكۡبَرُ مِنۡ أُخۡتِهَاۖ وَأَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡعَذَابِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (48)

26

يلي ذلك إشارة إلى ما أخذ الله به فرعون وملأه من الابتلاءات المفصلة في سور أخرى :

( وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها ، وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون . وقالوا : يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون . فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون ) . .

وهكذا لم تكن الآيات التي ظهرت على يدي موسى - عليه السلام - مدعاة إيمان ، وهي تأخذهم متتابعة . كل آية أكبر من أختها . مما يصدق قول الله تعالى في مواضع كثيرة ، وفحواه أن الخوارق لا تهدي قلباً لم يتأهل للهدى ؛ وأن الرسول لا يسمع الصم ولا يهدي العمي !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَمَا نُرِيهِم مِّنۡ ءَايَةٍ إِلَّا هِيَ أَكۡبَرُ مِنۡ أُخۡتِهَاۖ وَأَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡعَذَابِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (48)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَا نُرِيِهِم مّنْ آيَةٍ إِلاّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلّهُمْ يَرْجِعُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وما نري فرعون وملأه آية ، يعني : حجته لنا عليه بحقيقة ما يدعوه إليه رسولنا موسى إلاّ هِيَ أكْبَرُ مِنْ أُخْتِها يقول : إلا التي نريه من ذلك أعظم في الحجة عليهم وأوكد من التي مضت قبلها من الاَيات ، وأدلّ على صحة ما يأمره به موسى من توحيد الله .

وقوله : وأخَذْناهُمْ بالعَذابِ يقول : وأنزلنا بهم العذاب ، وذلك كأخذه تعالى ذكره إياهم بالسنين ، ونقص من الثمرات ، وبالجراد ، والقُمّل ، والضفادع ، والدم .

وقوله : لَعَلّهُمْ يَرْجِعُونَ يقول : ليرجعوا عن كفرهم بالله إلى توحيده وطاعته ، والتوبة مما هم عليه مقيمون من معاصيهم . كما : حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وأخَذْناهُمْ بالعَذَاب لَعَلّهُم يَرْجِعُونَ أي يتوبون ، أو يذكرون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَمَا نُرِيهِم مِّنۡ ءَايَةٍ إِلَّا هِيَ أَكۡبَرُ مِنۡ أُخۡتِهَاۖ وَأَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡعَذَابِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (48)

وقوله : { إلا هي أكبر من أختها } عبارة عن شدة موقعها في نفوسهم بحدة أمرها وحدوثه ، وذلك أن أول آية عرض موسى هي : العصا واليد ، وكانت أكبر آياته ، ثم كل آية بعد ذلك كانت تقع فيعظم عندهم لحينها وتكبر ، لأنهم قد كانوا أنسوا التي قبلها ، فهذا كما قال الشاعر : [ الطويل ]

على أنها تعفو الكلومُ وإنما . . . توكل بالأدنى وان جل ما يقضى

وذهب الطبري إلى أن الآيات هي الحجج والبينات . ثم ذكر تعالى أخذهم بالعذاب في العمل والضفادع والدم وغير ذلك ، وهذا كما أخذ قريش بالسنين والدخان .

وقوله : { لعلهم } ترج بحسب معتقد البشر وظنهم . و : { يرجعون } معناه : يتوبون ويقلعون .