فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمَا نُرِيهِم مِّنۡ ءَايَةٍ إِلَّا هِيَ أَكۡبَرُ مِنۡ أُخۡتِهَاۖ وَأَخَذۡنَٰهُم بِٱلۡعَذَابِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (48)

{ وَمَا نُرِيِهِم مّنْ ءايَةٍ إِلاَّ هِىَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا } أي كل واحدة من آيات موسى أكبر مما قبلها ، وأعظم قدراً مع كون التي قبلها عظيمة في نفسها ، وقيل : المعنى إن الأولى تقتضي علماً ، والثانية تقتضي علماً ، فإذا ضمت الثانية إلى الأولى ازداد الوضوح ، ومعنى الأخوّة بين الآيات : أنها متشاكلة متناسبة في دلالتها على صحة نبوّة موسى كما يقال : هذه صاحبة هذه ، أي هما قرينتان في المعنى . وجملة { إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا } في محل جرّ صفة لآية ، وقيل المعنى : أن كل واحدة من الآيات إذا انفردت ظنّ الظانّ أنها أكبر من سائر الآيات ، ومثل هذا قول القائل :

من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم *** مثل النجوم التي يسري بها الساري

{ وأخذناهم بالعذاب لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } أي بسبب تكذيبهم بتلك الآيات ، والعذاب هو المذكور في قوله : { وَلَقَدْ أَخَذْنَا ءالَ فِرْعَوْنَ بالسنين وَنَقْصٍ مّن الثمرات } الآية [ الأعراف : 130 ] ، وبين سبحانه أن العلة في أخذه لهم بالعذاب هو رجاء رجوعهم ، ولما عاينوا ما جاءهم به من الآيات البينات ، والدلالات الواضحات ظنوا أن ذلك من قبيل السحر .