المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{۞وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِنۡ أَمَرۡتَهُمۡ لَيَخۡرُجُنَّۖ قُل لَّا تُقۡسِمُواْۖ طَاعَةٞ مَّعۡرُوفَةٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (53)

53- وأقسم المنافقون بالله أقصى ما يكون من إيمان مغلظة ، إنك يا محمد إن أمرتهم بالخروج معك للغزو أطاعوا ، قل لهم : لا تحلفوا فالأمور المطلوبة منكم معروفة لكم لا ينكرها أحد منكم ، ولا ينفي العلم بها إيمان تكذبون فيها ، وإن الله لمطلع تمام الاطلاع علي كل ما يقع منكم ومجازيكم عليه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{۞وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِنۡ أَمَرۡتَهُمۡ لَيَخۡرُجُنَّۖ قُل لَّا تُقۡسِمُواْۖ طَاعَةٞ مَّعۡرُوفَةٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (53)

ثم عادت السورة الكريمة إلى استكمال الحديث عن المنافقين ، فقال - تعالى - { وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ } .

والجهد : الوسع والطاقة ، من جهد نفسه يجهدها - بفتح الهاء فيهما - إذا اجتهد فى الشىء ، وبذل فيه أقصى وسعه .

أى : وأقسم هؤلاء المنافقون بالأيمان الموثقة بأشد وسائل التوثيق ، بأنهم متى أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالخروج معه للجهاد ليخرجن سراعا تلبية لأمره .

وهنا يأمر الله - تعالى - نبيه صلى الله عليه وسلم أن يرد عليهم ردا كله تهكم وسخرية بهم ، بسبب كذبهم فيقول : { قُل لاَّ تُقْسِمُواْ طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ } .

أى : قل لهم - أيها الرسول الكريم - على سبيل السخرية والزجر ، لا تقسموا على ما تقولون ، فإن طاعتكم معروف أمرها ، ومفروغ منها ، فهى طاعة باللسان فقط . أما الفعل فيكذبها .

وذلك كما تقول لمن اشتهر بالكذب : لا تحلف لى على صدقك ، فأمرك معروف لا يحتاج إلى قسم أو دليل .

ثم عقب - سبحانه - على هذه السخرية منهم بقوله : { إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } أى : إن الله - تعالى - مطلع اطلاعا تاما على ظواهركم وبواطنكم فلا يحتاج منكم إلى قسم أو توكيد لأقوالكم ، وقد علم - سبحانه - أنكم كاذبون فى حلفكم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِنۡ أَمَرۡتَهُمۡ لَيَخۡرُجُنَّۖ قُل لَّا تُقۡسِمُواْۖ طَاعَةٞ مَّعۡرُوفَةٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (53)

46

وبعد هذه المقابلة بين حسن أدب المؤمنين ، وسوء أدب المنافقين الذين يدعون الإيمان ، وما هم بمؤمنين ، بعد هذه المقابلة يعود إلى استكمال الحديث عن هؤلاء المنافقين :

( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن . قل : لا تقسموا . طاعة معروفة . إن الله خبير بما تعملون . قل : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول . فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم . وإن تطيعوه تهتدوا . وما على الرسول إلا البلاغ المبين ) . .

ولقد كان المنافقون يقسمون لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] لئن أمرهم بالخروج إلى القتال ليخرجن والله يعلم إنهم لكاذبون . فهو يرد عليهم متهكما ، ساخرا من أيمانهم . ( قل : لا تقسموا . طاعة معروفة ) . . لا تحلفوا فإن طاعتكم معروف أمرها ، مفروغ منها ، لا تحتاج إلى حلف أو توكيد ! كما تقول لمن تعلم عليه الكذب وهو مشهور به : لا تحلف لي على صدقك . فهو مؤكد ثابت لا يحتاج إلى دليل .

ويعقب على التهكم الساخر بقوله : ( إن الله خبير بما تعملون ) . . فلا يحتاج إلى قسم ولا توكيد ، وقد علم أنكم لا تطيعون ولا تخرجون !

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{۞وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِنۡ أَمَرۡتَهُمۡ لَيَخۡرُجُنَّۖ قُل لَّا تُقۡسِمُواْۖ طَاعَةٞ مَّعۡرُوفَةٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (53)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللّهَ وَيَتّقْهِ فَأُوْلََئِكَ هُمُ الْفَآئِزُون } .

يقول تعالى ذكره : ومن يطع الله ورسوله فيما أمره ونهاه ، ويسلّمْ لحكمهما له وعليه ، ويَخَفْ عاقبة معصية الله ويحذره ، ويتق عذاب الله بطاعته إياه في أمره ونهيه فَأُولَئِكَ يقول : فالذين يفعلون ذلك هم الفائزون برضا الله عنهم يوم القيامة وأمنهم من عذابه . ) القول في تأويل قوله تعالى : { وَأَقْسَمُواْ بِاللّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنّ قُل لاّ تُقْسِمُواْ طَاعَةٌ مّعْرُوفَةٌ إِنّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } .

يقول تعالى ذكره : وحلف هؤلاء المعرِضون عن حكم الله وحكم رسوله إذ دعوا إليه باللّهِ جَهْدَ أيمَانِهِمْ يقول : أغلظ أيمانهم وأشدّها : لَئِنْ أمَرْتَهُمْ يا محمد بالخروج إلى جهاد عدوّك وعدوّ المؤمنين لَيَخْرُجُنّ قُلْ لا تُقْسمُوا لا تحلفوا ، فإن هذه طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ منكم ، فيها التكذيب . كما :

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، قوله : قُلْ لا تُقْسِمُوا طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ قال : قد عُرفت طاعتكم إليّ أنكم تكذبون . إنّ اللّهَ خَبيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ يقول : إن الله ذو خبرة بما تعملون من طاعتكم الله ورسوله ، أو خلافكم أمرهما أو غير ذلك من أموركم ، لا يخفي عليه من ذلك شيء ، وهو مجازيكم بكل ذلك .