تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{۞وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِنۡ أَمَرۡتَهُمۡ لَيَخۡرُجُنَّۖ قُل لَّا تُقۡسِمُواْۖ طَاعَةٞ مَّعۡرُوفَةٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (53)

الآية 53 : وقوله تعالى : ]وأقسموا بالله جهد أيمانهم[ قال بعضهم : كل يمين بالله فهو جهد اليمين لأنهم من عادتهم أنهم{[14178]} كانوا لا يحلفون بالله غلا في العظيم من الأمر والخطير . فأما الأمر الدون فإنما يحلفون بغيره . فيكون على هذا كل يمين بالله فهو جهد اليمين .

ويحتمل أن يكونوا حلفوا أيمانا{[14179]} غليظة شديدة على ما يغلظ الناس في أيمانهم ، ربما سمي ذلك جهد اليمين . أو أن يكون جهد اليمين ما ذكر على إثره ، وهو قوله : ]لئن أمرتهم ليخرجن[ قوله : ]لئن أمرتهم ليخرجن[ هو جهد أيمانهم ، والله أعلم .

وقوله تعالى : [ لئن أمرتهم ليخرجن ] قوله [ لئن أمرتهم ] يحتمل وجوها :

( يحتمل ){[14180]} : ]لئن أمرتهم ليخرجن[ من أراضيهم التي تخاصموا إليه فيها ، أي ليخرجن ، ويسلمنها إلى خصمهم .

ويحتمل : ]لئن أمرتهم ليخرجن[ من جميع أملاكهم وما تحويه أيديهم تعظيما لأمرك وإجلالا ( لك ){[14181]} فكيف لا يتبعون قضاءك ، وينقادون لحكمك ؟

وجائز أن يكون قوله : ]ليخرجن[ من المدينة بعيالاتهم وجميع حواشيهم إلى بلدة أخرى .

وقال بعضهم : ]لئن أمرتهم ليخرجن[ أي أمرتهم أن يخرجوا في الجهاد ]ليخرجن[ لأنهم كانوا يتخلفون .

ثم أمر رسوله أن ينهاهم عن القسم الذي أقسموه فقال{[14182]} ]قل لا تقسموا( .

وقوله تعالى{[14183]} : ]طاعة معروفة[ اختلف فيه : قال بعضهم : ]لا تقسموا[ فإن الله ، لو بلغ منكم الجهد ، لن{[14184]} تبلغوه . ثم قال ]طاعة معروفة[ يقول : أطيعوه ، وقولوا له المعروف .

وقال بعضهم : قوله : ]لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا[ ثم الكلام ، ثم قال : ]طاعة معروفة[ وفي الكلام حذف الإيجاز ، يستدل بظاهره عليه : كأن القوم ، كانوا ينافقون ، ويحلفون في الظاهر/372- أ/ على ما يضمرونه خلافه ، فقيل لهم : لا تقسموا ؛ هي طاعة معروفة صحيحة ، لا نفاق فيها ، ولا طاعة فيها نفاق .

وقال بعضهم : لا تحلفوا ، ولتكن هذه منكم للنبي طاعة معروفة حسنة .

وقال بعضهم : ]طاعة معروفة [ تعرف أنها طاعة بالقول والعمل . لا تكونوا كاذبين فيها بالقول دون العمل . وبعضه قريب من بعض .

( وقوله تعالى ){[14185]} : ]إن الله خبير بما تعملون[ فلا تقسموا .

وفي دلالة إثبات رسالته ، لأنهم كانوا يسرون ، ويضمرون في ما بينهم التولي والإعراض عن حكمه ، ثم أخبرهم بذلك ، فعلموا أنه بالله عرف ذلك .


[14178]:من م، في الأصل: كأنهم.
[14179]:في الأصل وم: يمين.
[14180]:ساقطة من الأصل وم.
[14181]:ساقطة من الأصل وم.
[14182]:من م، ساقطة من الأصل.
[14183]:ساقطة من الأصل وم.
[14184]:في الأصل وم: لم.
[14185]:ساقطة من الأصل وم.