في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب  
{۞وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِنۡ أَمَرۡتَهُمۡ لَيَخۡرُجُنَّۖ قُل لَّا تُقۡسِمُواْۖ طَاعَةٞ مَّعۡرُوفَةٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (53)

46

وبعد هذه المقابلة بين حسن أدب المؤمنين ، وسوء أدب المنافقين الذين يدعون الإيمان ، وما هم بمؤمنين ، بعد هذه المقابلة يعود إلى استكمال الحديث عن هؤلاء المنافقين :

( وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن . قل : لا تقسموا . طاعة معروفة . إن الله خبير بما تعملون . قل : أطيعوا الله وأطيعوا الرسول . فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم . وإن تطيعوه تهتدوا . وما على الرسول إلا البلاغ المبين ) . .

ولقد كان المنافقون يقسمون لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] لئن أمرهم بالخروج إلى القتال ليخرجن والله يعلم إنهم لكاذبون . فهو يرد عليهم متهكما ، ساخرا من أيمانهم . ( قل : لا تقسموا . طاعة معروفة ) . . لا تحلفوا فإن طاعتكم معروف أمرها ، مفروغ منها ، لا تحتاج إلى حلف أو توكيد ! كما تقول لمن تعلم عليه الكذب وهو مشهور به : لا تحلف لي على صدقك . فهو مؤكد ثابت لا يحتاج إلى دليل .

ويعقب على التهكم الساخر بقوله : ( إن الله خبير بما تعملون ) . . فلا يحتاج إلى قسم ولا توكيد ، وقد علم أنكم لا تطيعون ولا تخرجون !