مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{۞وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِنۡ أَمَرۡتَهُمۡ لَيَخۡرُجُنَّۖ قُل لَّا تُقۡسِمُواْۖ طَاعَةٞ مَّعۡرُوفَةٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (53)

أما قوله : { وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن } فقال مقاتل : من حلف بالله فقد أجهد في اليمين ، ثم قال لما بين الله تعالى كراهية المنافقين لحكم رسول الله ، فقالوا والله لئن أمرتنا أن نخرج من ديارنا وأموالنا ونسائنا لخرجنا ، وإن أمرتنا بالجهاد جاهدنا ، ثم إنه تعالى أمر رسوله أن ينهاهم عن هذا القسم بقوله : { قل لا تقسموا } ولو كان قسمهم كما يجب لم يجز النهي عنه لأن من حلف على القيام بالبر والواجب لا يجوز أن ينهى عنه ، وإذا ثبت ذلك ثبت أن قسمهم كان لنفاقهم وأن باطنهم خلاف ظاهرهم ، ومن نوى الغدر لا الوفاء فقسمه لا يكون إلا قبيحا .

أما قوله : { طاعة معروفة } فهو إما خبر مبتدأ محذوف ، أي المطلوب منكم طاعة معروفة لا أيمان كاذبة ، أو مبتدأ خبره محذوف أي طاعة معروفة أمثل من قسمكم بما لا تصدقون فيه ، وقيل معناه دعوا القسم ولا تغتروا به وعليكم طاعة معروفة فتمسكوا بها . وقرأ اليزيدي { طاعة معروفة } بالنصب على معنى أطيعوا طاعة الله { إن الله خبير بما تعملون } أي بصير لا يخفى عليه شيء من سرائركم ، وإنه فاضحكم لا محالة ومجازيكم على نفاقكم .