الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{۞وَأَقۡسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهۡدَ أَيۡمَٰنِهِمۡ لَئِنۡ أَمَرۡتَهُمۡ لَيَخۡرُجُنَّۖ قُل لَّا تُقۡسِمُواْۖ طَاعَةٞ مَّعۡرُوفَةٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (53)

جهد يمينه : مستعار من جهد نفسه : إذا بلغ أقصى وسعها ، وذلك إذا بالغ في اليمين وبلغ غاية شدّتها ووكادتها . وعن ابن عباس رضي الله عنه : من قال بالله ، [ فقد ] جهد يمينه . وأصل : أقسم جهد اليمين : أقسم يجهد اليمين جهداً ، فحذف الفعل وقدّم المصدر فوضع موضعه مضافاً إلى المفعول كقوله : { فَضَرْبَ الرقاب } [ محمد : 4 ] وحكم هذا المنصوب حكم الحال ، كأنه قال : جاهدين أيمانهم . و { طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ } خبر مبتدأ محذوف ، أو مبتدأ محذوف الخبر ، أي : أمركم والذي يطلب منكم طاعة معروفة معلومة لا يشكّ فيها ولا يرتاب ، كطاعة الخلص من المؤمنين الذين طابق باطن أمرهم ظاهره ، لا أيمان تقسمون بها بأفواهكم وقلوبكم على خلافها ، أو طاعتكم طاعة معروفة ، بأنها القول دون الفعل . أو طاعة معروفة أمثل وأولى بكم من هذه الأَيمان الكاذبة . وقرأ اليزيدي : «طاعة معروفة » بالنصب على معنى : أطيعوا طاعة { إِنَّ الله خَبِيرٌ } يعلم ما في ضمائركم ولا يخفى عليه شيء من سرائركم ، وأنه فاضحكم لا محالة ومجازيكم على نفاقكم .