المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{إِذۡ جَآءَتۡهُمُ ٱلرُّسُلُ مِنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۖ قَالُواْ لَوۡ شَآءَ رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَـٰٓئِكَةٗ فَإِنَّا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ} (14)

14- أتت عاداً وثمود الصاعقة حين أتتهم رسلهم من جميع الجهات ، فلم يدعوا طريقاً لإرشادهم إلا سلكوه ، وقالوا لهم : لا تعبدوا إلا الله . قالوا : لو أراد الله إرسال رسول لأنزل إلينا ملائكة ، فإنا بما أرسلتم به من التوحيد وغيره جاحدون .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{إِذۡ جَآءَتۡهُمُ ٱلرُّسُلُ مِنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۖ قَالُواْ لَوۡ شَآءَ رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَـٰٓئِكَةٗ فَإِنَّا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ} (14)

والضمير فى قوله - تعالى - : { إِذْ جَآءَتْهُمُ الرسل مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ الله . . . } يعود إلى قوم عاد وثمود .

والمراد بالرسل : هود وصالح - عليهما السلام - من باب إطلاق الجمع على الاثنين ، أو من باب إدخال من آمن بهما معهما فى المجئ إلى هؤلاء الأقوام لدعوتهم إلى عبادة الله وحده .

وقوله : { إِذْ جَآءَتْهُمُ الرسل . . . } حال من قوله { صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ } وقوله { مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ } متعلق بجاءتهم .

والمراد بالجملة الكريمة : أن الرسل بذلوا كل جهدهم فى إرشاد قوم عاد وثمود إلى الحق ولم يتركوا وسيلة إلا اتبعوها معهم وبينوا لهم بأساليب متعددة حسن عاقبة المؤمنين وسوء عاقبة الكافرين .

وقوله : { أَلاَّ تعبدوا إِلاَّ الله } بيان لما نصح به الرسل أقوامهم و " أن " يصح أن تكون مصدرية ، أى : بأن لا تعبدوا إلا الله ، ويصح أن تكون مخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير شأن محذوف . أو تفسيرية لأن مجئ الرسل يتضمن قولا .

أى جاء الرسل إلى قوم عاد وثمود بكل دليل واضح على وجوب إخلاص العبادة لله ، ولم يتركوا وسيلة إلا اتبعوها معهم ، وقالوا لهم : اجعلوا عبادتكم لله - تعالى - وحده .

قال صاحب الكشاف ما ملخصه : قوله : { إِذْ جَآءَتْهُمُ الرسل مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِم . . . }

أى : أتوهم من كل جانب ، واجتهدوا بهم ، واعملوا فيهم كل حيلة ، فلم يروا منهم إلا العتو والإعراض ، كما حكى الله - تعالى - عن الشيطان أنه قال : { ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ . . . } يعنى لآتينهم من كل جهة ، ولأعملن فيهم كل حيلة .

وعن الحسن : أنذروهم بعذاب الله الدنويى والأخروى .

وقيل معناه : إذ جاءتهم الرسل من قبلهم ومن بعدهم ، بمعنى أن هودا وصالحا قد أمروهم بالإيمان بهما وبجميع الرسل الذين من قبلهم والذين من بعدهم ، فكأن الرسل جميعا قد جاءهم .

وقوله - تعالى - : { قَالُواْ لَوْ شَآءَ رَبُّنَا لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً فَإِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } حكاية للرد السيئ الذى رد به قوم عاد وثمود على رسلهم .

ومفعول المشيئة محذوف أى : قال هؤلاء الكافرون لرسلهم على سبيل التكذيب لهم ، والتهكم بهم . أنتم لستم رسلا ، ولو شاء الله - تعالى - أن يرسل إلينا رسلا لأرسل ملائكة ، وما دام الأمر كذلك فإنا بما أرسلتم به - أيها الرسل - كافرون ، وإلى ما تدعونا إليه مكذبون .

والسبب الذى حمل هؤلاء الجاهلين على هذا القول : زعمهم أن الرسل لا يكونون من البشر ، مع أن كل عقل سليم يؤيد أن الرسول لا يكون إلا من البشر كما قال - تعالى - : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ . . . }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِذۡ جَآءَتۡهُمُ ٱلرُّسُلُ مِنۢ بَيۡنِ أَيۡدِيهِمۡ وَمِنۡ خَلۡفِهِمۡ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّا ٱللَّهَۖ قَالُواْ لَوۡ شَآءَ رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلَـٰٓئِكَةٗ فَإِنَّا بِمَآ أُرۡسِلۡتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ} (14)

إنها جولة في مصارع الغابرين ، بعد تلك الجولة في ملكوت السماوات والأرض . جولة تهز القلوب المستكبرة برؤية مصارع المستكبرين :

( إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله ) . .

الكلمة الواحدة التي جاء بها الرسل أجمعين . وقام عليها بنيان كل دين .

( قالوا : لو شاء ربنا لأنزل ملائكة . فإنا بما أرسلتم به كافرون ) . .

وهي كذلك الشبهة المتكررة التي ووجه بها كل رسول . وما كان لرسول يخاطب البشر أن يكون إلا من البشر . يعرفهم ويعرفونه . ويجدون فيه قدوة واقعية ، ويعاني هو ما يعانونه . ولكن عاداً وثمودا أعلنوا كفرهم برسلهم ، لأنهم بشر لا ملائكة كما كانوا يقترحون !