القول في تأويل قوله تعالى : { للّهِ مُلْكُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا فِيهِنّ وَهُوَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } . .
يقول تعالى ذكره : أيها النصارى " لِلّهِ مُلْكُ السّمَوَاتِ والأرْضِ " يقول : له سلطان السماوات والأرض ، وَما فِيهِنّ دون عيسى الذين تزعمون أنه إلهكم ودون أمه ، ودون جميع من في السماوات ومن في الأرض فإن السماوات والأرض خلق من خلقه وما فيهنّ وعيسى وأمه من بعض ذلك بالحلول والانتقال ، يدلان بكونهما في المكان الذي هما فيه بالحلول فيه والانتقال أنهما عبدان مملوكان لمن له ملك السماوات والأرض وما فيهنّ . ينبههم وجميع خلقه على موضع حجته عليهم ليدبروه ويعتبروه ، فيعقلوا عنه . " وَهُوَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " يقول تعالى ذكره : والله الذي له ملك السماوات والأرض وما فيهنّ ، قادر على إفنائهن وعلى إهلاكهن وإهلاك عيسى وأمه ومن في الأرض جميعا كما ابتدأ خلقهم ، لا يعجزه ذلك ولا شيء أراده لأن قدرتَه القدرةُ التي لا يشبهها قدرة ، وسلطانَه السلطانُ الذي لا يشبهه سلطانٌ ولا مملكةٌ .
{ لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير } تنبيه على كذب النصارى وفساد دعواهم في المسيح وأمه ، وإنما لم يقل ومن فيهن تغليبا للعقلاء وقال { وما فيهن } اتباعا لهم غير أولي العقل إعلاما بأنهم في غاية القصور عن معنى الربوبية والنزول عن رتبة العبودية ، وإهانة لهم وتنبيها على المجانسة المنافية للألوهية ، ولأن ما يطلق متناولا للأجناس كلها فهو أولى بإرادة العموم .
تذييل مؤذن بانتهاء الكلام ، لأنّ هذه الجملة جمعت عبودية كلّ الموجودات لله تعالى ، فناسبت ما تقدّم من الردّ على النصارى ، وتضمّنت أنّ جميعها في تصرّفه تعالى فناسبت ما تقدّم من جزاء الصادقين . وفيها معنى التفويض لله تعالى في كلّ ما ينزل ، فآذنت بانتهاء نزول القرآن على القول بأنّ سورة المائدة آخر ما نزل ، وباقتراب وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما في الآية من معنى التسليم لله وأنّه الفعّال لما يريد . وتقديم المجرور باللام مفيد للقصر أي له لا لغيره .
وجيء بالموصول ( ما ) في قوله { وما فيهن } دون ( من ) لأنّ ( ما ) هي الأصل في الموصول المبهم فلم يعتبر تغليب العقلاء ، وتقديم المجرور ب { على } في قوله : { على كل شيء قدير } للرعاية على الفاصلة المبنيّة على حرفين بينهما حرف مدّ . { وما فيهنّ } عطف على { ملك } أي لله ما في السماوات والأرض ، كما في سورة البقرة ( 284 ) { له ما في السماوات وما في الأرض } فيفيد قصرها على كونها لله لا لغيره . وليس معطوفاً على السماوات والأرض إذ لا يحسن أن يقال : لله مُلك ما في السماوات والأرض لأنّ الملك يضاف إلى الأقطار والآفاق والأماكن كما حكى الله تعالى : { أليس لي مُلك مصر } [ الزخرف : 51 ] ويضاف إلى صاحب الملك كما في قوله : { على ملك سليمان } [ البقرة : 102 ] . ويقال : في مدّة مُلك الأشوريين أو الرومان .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
ثم عظم الرب جل جلاله نفسه عما قالت النصارى من البهتان والزور أنه ليس كما زعمت، وأنه واحد لا شريك له، فقال سبحانه: {لله ملك السماوات والأرض وما فيهن} من الخلق، عيسى ابن مريم وغيره من الملائكة والخلق عباده وفي ملكه، {وهو على كل شيء} من خلق عيسى من غير أب وغيره، {قدير}.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: أيها النصارى "لِلّهِ مُلْكُ السّمَوَاتِ والأرْضِ "يقول: له سلطان السماوات والأرض، وَما فِيهِنّ دون عيسى الذين تزعمون أنه إلهكم ودون أمه، ودون جميع من في السماوات ومن في الأرض فإن السماوات والأرض خلق من خلقه وما فيهنّ وعيسى وأمه من بعض ذلك بالحلول والانتقال، يدلان بكونهما في المكان الذي هما فيه بالحلول فيه والانتقال أنهما عبدان مملوكان لمن له ملك السماوات والأرض وما فيهنّ. ينبههم وجميع خلقه على موضع حجته عليهم ليدبروه ويعتبروه، فيعقلوا عنه. "وَهُوَ على كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" يقول تعالى ذكره: والله الذي له ملك السماوات والأرض وما فيهنّ، قادر على إفنائهن وعلى إهلاكهن وإهلاك عيسى وأمه ومن في الأرض جميعا كما ابتدأ خلقهم، لا يعجزه ذلك ولا شيء أراده لأن قدرتَه القدرةُ التي لا يشبهها قدرة، وسلطانَه السلطانُ الذي لا يشبهه سلطانٌ ولا مملكةٌ.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
(لله ملك السموات والأرض وما فيهن) كان خرج هذا على إثر قوله: (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين) أي كيف يتخذ أربابا وولدا وله ملك السموات والأرض وملك ما فيهن من الخلق، كلهم عبيده وإماؤه، (وهو على كل شيء قدير) لا يعجزه شيء.
لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :
تَمَدَّحَ الحقُّ -سبحانه- بقدرته القديمة الشاملة لجميع المقدورات، الصالحة لإيجاد المصنوعات، ولم يتجمل بإضافة غيرٍ إلى نفسه من اسمٍ أو أثرٍ، أو عينٍ أو طلل. قوله جلّ ذكره: {وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ}. من الإبعاد والإسعاد، والصد والرد، والدفع والنفع، والقمع والمنع.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
..فإن قلت: في السموات والأرض العقلاء وغيرهم، فهلا غلب العقلاء، فقيل: ومن فيهنّ؟ قلت: (ما) يتناول الأجناس كلها تناولاً عاماً. ألا تراك تقول إذا رأيت شبحاً من بعيد: ما هو؟ قبل أن تعرف أعاقل هو أم غيره، فكان أولى بإرادة العموم.
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :
وقوله تعالى: {لله ملك السماوات}... الآية، يحتمل أن يكون مما يقال يوم القيامة، ويحتمل أنه مقطوع من ذلك مخاطب به محمد صلى الله عليه وسلم وأمته. وعلى الوجهين ففيه عضد ما قال عيسى: إن تعذب الناس فإنهم عبادك على ما تقدم من تأويل الجمهور.
ثم قال تعالى {لله ملك السماوات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير} قيل: إن هذا جواب عن سؤال مقدر كأنه قيل: من يعطيهم ذلك الفوز العظيم؟ فقيل: الذي له ملك السماوات والأرض. وفي هذه الخاتمة الشريفة أسرار كثيرة ونحن نذكر القليل منها. فالأول: أنه تعالى قال: {لله ملك السموات والأرض وما فيهن} ولم يقل ومن فيهن فغلب غير العقلاء على العقلاء، والسبب فيه التنبيه على أن كل المخلوقات مسخرون في قبضة قهره وقدرته وقضائه وقدره، وهم في ذلك التسخير كالجمادات التي لا قدرة لها وكالبهائم التي لا عقل لها، فعلم الكل بالنسبة إلى علمه كلا علم، وقدرة الكل بالنسبة إلى قدرته كلا قدرة. والثاني: أن مفتتح السورة كان بذكر العهد المنعقد بين الربوبية والعبودية فقال: {يأيها الذين ءامنوا أوفوا بالعقود} وكمال حال المؤمن في أن يشرع في العبودية وينتهي إلى الفناء المحض عن نفسه بالكلية. فالأول هو الشريعة وهو البداية والآخر هو الحقيقة وهو النهاية. فمفتتح السورة من الشريعة ومختتمها بذكر كبرياء الله وجلاله وعزته وقدرته وعلوه، وذلك هو الوصول إلى مقام الحقيقة فما أحسن المناسبة بين ذلك المفتتح، وهذا المختتم! والثالث: أن السورة اشتملت على أنواع كثيرة من العلوم. فمنها: بيان الشرائع والأحكام والتكاليف. ومنها المناظرة مع اليهود في إنكارهم شريعة محمد عليه الصلاة والسلام، ومنها المناظرة مع النصارى في قولهم بالتثليث فختم السورة بهذه النكتة الوافية بإثبات كل هذه المطالب. فإنه قال: {لله ملك السموات والأرض وما فيهن} ومعناه أن كل ما سوى الحق سبحانه فانه ممكن لذاته موجود بإيجاده تعالى. وإذا كان الأمر كذلك كان مالكا لجميع الممكنات والكائنات موجدا لجميع الأرواح والأجساد، وإذا ثبت هذا لزم منه ثبوت كل المطالب المذكورة في هذه السورة. وأما حسن التكليف كيف شاء وأراد، فذاك ثابت، لأنه سبحانه لما كان مالكا للكل، كان له أن يتصرف في الكل بالأمر والنهي والثواب والعقاب كيف شاء وأراد. فصح القول بالتكليف على أي وجه أراده الحق سبحانه وتعالى. وأما الرد على اليهود فلأنه سبحانه لما كان مالك الملك فله بحكم المالكية أن ينسخ شرع موسى ويضع شرع محمد عليهما الصلاة والسلام وأما الرد على النصارى فلأن عيسى ومريم داخلان فيما سوى الله لأنا بينا أن الموجد إما أن يكون هو الله تعالى أو غيره، وعيسى ومريم لا شك في كونهما داخلين في هذا القسم. فإذا دللنا على أن كل ما سوى الله تعالى ممكن لذاته موجود بإيجاد الله كائن بتكوين الله كان عيسى ومريم عليهما السلام كذلك. ولا معنى للعبودية إلا ذلك. فثبت كونهما عبدين مخلوقين فظهر بالتقرير الذي ذكرناه أن هذه الآية التي جعلها الله خاتمة لهذه السورة برهان قاطع في صحة جميع العلوم التي اشتملت هذه السورة عليها. والله اعلم بأسرار كلامه...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما كان هذا الذي أباحه لهم وأباحهم إياه لا يكون إلا بأسباب لا تسعها العقول، ولا تكتنه بفروع ولا أصول، علل إعطاءه إياه وسهولته لديه بقوله مشيراً إلى أن كل ما ادعيت فيه الإلهية مما تقدم في هذه السورة وغيرها بعيد عن ذلك، لأنه ملكه وفي ملكه وتحت قهره: {لله} أي الملك الذي لا تكتنه عظمته ولا تضعف قدرته، لا لغيره {ملك السماوات} بدأ بها لأنها أشرف وأكبر، وآياتها أدل وأكثر {والأرض} على اتساعهما وعظمهما وتباعد ما بينهما {وما فيهن} أي من جوهر وعرض. ولما كان ذلك أنهى ما نعلمه، عمم بقوله: {وهو على كل شيء} أي من ذلك وغيره من كل ما يريد {قدير} فلذلك هو يحكم ما يريد لأنه هو الإله وحده، وهو قادر على إسعاد من شاء وإشقاء من شاء، وإحلال ما شاء وتحريم ما شاء، والحكم بما يريد ونفع الصادقين الموفين بالعقود الثابتين على العهود، لأن له ملك هذه العوالم وما فيها مما ادعى فيه الإلهية من عيسى وغيره، والكل بالنسبة إليه أموات، بل موات جديرون بأن يعبر عنهم ب "ما "لا ب "من"، فمن يستحق معه شيئاً ومن يملك معه ضراً أو نفعاً! وقد انطبق آخر السورة على أولها كما ترى أي انطباق، واتسقت جميع آياتها أخذاً بعضها بحجز بعض أيّ اتساق؛ فسبحان من أنزل هذا القرآن على أعظم البيان! مخجلاً لمن أباه من الأمم، معجزاً لأصحاب السيف والقلم، والله سبحانه وتعالى أعلم.
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
ثم ختم جل جلاله هذه السورة بقوله {لله ملك السموات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير} وهو مناسب لما قبله مباشرة ومناسب لأن يكون ختاما لمجموع ما في هذه السورة. أما الأول فلما بين ما لأهل الصدق عنده من الجزاء الحق في مقعد الصدق، بين عقبه سعة ملكه وعموم قدرته الدالين على كون ذلك الجزاء لا يقدر عليه غيره. وأما الثاني فلما كان أكثر آيات هذه السورة في محاجة أهل الكتاب عامة، وبسط الحجج على بطلان أقوال النصارى في نبيهم خاصة، وسائرها في بيان أحكام الحلال والحرام، مع النص على إكمال الدين بالقرآن، وعلى وحدة الدين الإلهي واختلاف الشرائع والمناهج للأمم،- ولما كان كل من ذينك القسمين في الأصول والفروع قد تكرر فيه الوعد والوعيد، وقفى عليهما بذكر جمع الله تعالى للرسل يوم القيامة وسؤالهم عن التبليغ، وجواب أحدهم الدال على شهادتهم على أقوامهم بالحق وتفويض أمرهم إلى الله عز وجل-.
لما كان ما ذكر كما ذكر ناسب أن تختم هذه السورة ببيان كون الملك كله والقدرة كلها لله وحده، وأن ملك السموات والأرض وما فيهن لله وحده، كما يدل عليه تقدم الظرف- وهو خبر المبتدأ- وقد اختيرت كلمة «ما» في قوله «وما فيهن» على «من» الخاصة بمن يعقل، وهو الذي من شأنه أن يملك، لأن مدلولها أعم وأشمل، وللإشارة إلى أن يوم الجزاء الحق يستوي فيه من يعقل ومن لا يعقل، فلا يملك معه أحد شيئا، لا حقيقة ولا مجازا، ويدخل في ذلك المسيح وأمة اللذين عبدا من دون الله، فيتضمن الحصر والتعريض بعبادتهما، وبالاتكال على شفاعتهما، إذ الملك والقدرة لله وحده {من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه} [البقرة:255] وغاية الأمر أنهما من عباد الله المكرمين {وقالوا: اتخذ الرحمن ولدا- سبحانه بل عباد مكرمون* لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون* يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون* ومن يقل منهم: إني إله من دونه- فذلك نجزيه جهنم. كذلك نجزي الظالمين} [الأنبياء: 26 – 29] صدق الله العظيم.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
(لله ملك السماوات والأرض وما فيهن، وهو على كل شيء قدير).. ختام يتناسق مع تلك القضية الكبرى التي أطلقت حولها تلك الفرية الضخمة، ومع ذلك المشهد العظيم الذي يتفرد الله فيه بالعلم، ويتفرد بالألوهية، ويتفرد بالقدرة، وينيب إليه الرسل؛ ويفوضون إليه الأمر كله؛ ويفوض فيه عيسى بن مريم أمره وأمر قومه إلى العزيز الحكيم. الذي له ملك السماوات والأرض وما فيهن، وهو على كل شيء قدير.. وختام يتناسق مع السورة التي تتحدث عن "الدين "وتعرضه ممثلا في اتباع شريعة الله وحده، والتلقي منه وحده، والحكم بما أنزله دون سواه.. إنه المالك الذي له ملك السماوات والأرض وما فيهن، والمالك هو الذي يحكم: (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون).. إنها قضية واحدة.. قضية الألوهية.. قضية التوحيد.. وقضية الحكم بما أنزل الله.. لتتوحد الألوهية ويتحقق التوحيد..
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
تذييل مؤذن بانتهاء الكلام، لأنّ هذه الجملة جمعت عبودية كلّ الموجودات لله تعالى، فناسبت ما تقدّم من الردّ على النصارى، وتضمّنت أنّ جميعها في تصرّفه تعالى فناسبت ما تقدّم من جزاء الصادقين. وفيها معنى التفويض لله تعالى في كلّ ما ينزل، فآذنت بانتهاء نزول القرآن على القول بأنّ سورة المائدة آخر ما نزل، وباقتراب وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما في الآية من معنى التسليم لله وأنّه الفعّال لما يريد. وتقديم المجرور باللام مفيد للقصر أي له لا لغيره. وجيء بالموصول (ما) في قوله {وما فيهن} دون (من) لأنّ (ما) هي الأصل في الموصول المبهم فلم يعتبر تغليب العقلاء، وتقديم المجرور ب {على} في قوله: {على كل شيء قدير} للرعاية على الفاصلة المبنيّة على حرفين بينهما حرف مدّ.
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
(لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) في هذا النص الكريم بيان للحق الذي لا مجال للريب فيه، وبيان لسلطان الله تعالى على كل ما في السماوات وما في الأرض وأنه ذو سلطان في الحياة الدنيا وفي الآخرة، وهو القادر على كل شيء يريده لا يعجزه شيء في السماء ولا في الأرض وفي الكلام إشارات بيانية نذكرها. الأولى: إثبات أن الله وحده هو الجدير بالألوهية والمستحق للعبادة لأنه ذو السلطان الكامل المالك لكل شيء. الثانية: أن تقديم لفظ الجلالة يفيد وحدة سلطانه وملكه وقدرته أي أنه وحده المالك لكل شيء. الثالثة: ذكر السماوات والأرض والتصريح بما فيهن للإشارة إلى أن كل شيء فيهن مخلوق له سبحانه وليس فوقه أحد فلا يقال: إن أحدا له سلطان بجوار سلطانه وإن المعجزات التي تجري على أيدي بعض النبيين من خلقه هو الذي خلقه على يديه وليس النبي خالقها. الرابعة: إثبات أنه قادر على كل شيء لا يتقيد بالأسباب والمسببات لأنه على كل شيء قدير، وهو خالق الأسباب. الخامسة: تقديم الجار والمجرور يفيد كمال قدرة الله تعالى على الأشياء إنه حميد مجيد سميع بصير عزيز حكيم.
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
انفردت هذه السورة بعدة مسائل في أصول الدين وفروعه وبتفصيل عدة أحكام أجملت في غيرها إجمالا، وأكثرها في بيان شؤون أهل الكتاب ومحاجتهم، ونحن نذكر قارئ تفسيرنا بخلاصتها مراعين مناسبة بعض المسائل لبعض لا ترتيب ورودها في السورة، وجعلنا ذلك على قسمين:
ما هو من قبيل الأصول والقواعد الاعتقادية أو العملية
- أهم الأصول التي انفردت بها السورة، بيان إكمال الله تعالى للمؤمنين دينهم الذي ارتضى لهم بالقرآن، وإتمام نعمته عليهم بالإسلام. (راجع ج6).).
- النهي عن سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن أشياء من شأنها أن تسوء المؤمنين إذا أبديت لهم لما فيها من زيادة التكاليف مثلا (راجع ج 7).
وقد علم من الآيات التي نزلت في هاتين المسألتين المتلازمتين أن كل حكم ديني من اعتقاد أو عبادة أو حلال أو حرام لم يدل عليه النص دلالة صريحة ولم تمض به السنة العملية من عهد النبي صلى الله عليه وسلم فليس من الدين الذي هو حجة الله على كل من بلغتهم دعوة الرسول بحيث يطالبون به في الدنيا ويسألون عنه في الآخرة، كما فصلنا ذلك في تفسيرهما مع بيان الفرق بين الأحكام الدينية والدنيوية. وأما ما دل عليه الكتاب أو السنة دلالة غير صريحة- ومنه أكثر ما اختلف أئمة العلم في دلالته- فهو حجة على من فهم منه الحكم لا على كل أحد كما بيناه في تفسير آية تحريم الخمر.
- بيان أن هذا الدين الكامل مبني على العلم اليقيني في الاعتقاد والهداية في الأخلاق والأعمال، وأن التقليد باطل لا يقبله الله تعالى، كما هو صريح الآية 107 (راجع ج 7) وتقدم مثلها في سورة البقرة.
- بيان أن أصول الدين الإلهي على ألسنة الرسل كلهم هي الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح فمن أقامها كما أمرت الرسل من أية ملة- من ملل الرسل كاليهود والنصارى والصابئين- فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم في الآخرة ولا هم يحزنون (ج 6) وتقدم مثل ذلك في سورة البقرة.
- وحدة الدين واختلاف شرائع الأنبياء ومناهجهم فيه.
- هيمنة القرآن على الكتب الإلهية (ج6).
- بيان عموم بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وأمره بالتبليغ العام وكونه لا يكلف من حيث كونه رسولا إلا التبليغ، وأن من حجج رسالته أنه بين لأهل الكتاب كثيرا مما كانوا يخفون من كتبهم، وهو قسمان:
أحدهما: ما ضاع منه قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بناء على الأصل المبين في هذه السورة وهو أنهم نسوا حظا عظيما مما ذكرهم الله به بإنزاله فيها وثانيهما: ما كانوا يكتمونه من الأحكام اتباعا لأهوائهم مع وجوده في الكتاب كحكم رجم الزاني.
وقد بينا كلا من القسمين في موضعه من هذه السورة. ولولا محمدا الأمي مرسل من عند الله لما علم شيئا من هذا ولا ذاك.
- عصمة الرسول صلى الله عليه وسلم من الناس أن يضروه أو يقدروا على صده عن تبليغ رسالة ربه. وهذا من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم أيضا فكم حاولوا قتله فأعياهم وأعجزهم (ج 6).
- بيان أن الله أوجب على المؤمنين إصلاح أنفسهم أفرادها وجماعتها، وأنه لا يضرهم من ضل من الناس إذا هم استقاموا على صراط الهداية، أي لا يضرهم ضلاله في دنياهم لأن الله تعالى لا يجعل له سبيلا عليهم، ولا يضرهم في أمر دينهم وآخرتهم لأن الله تعالى لم يكلفهم إكراه الناس على الهدى والحق، ولا أن يخلقوا لهم الهداية خلقا، وإنما كلفهم أن يكونوا مهتدين في أنفسهم بإقامة دين الله تعالى في الأعمال الفردية والمصالح الاجتماعية، ومنها الدعوة إلى الحق والخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
- تأكيد وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بما بينه الله تعالى من لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم وتعليله ذلك بأنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه.
- نفي الحرج من دين الإسلام (ج 6).
- تحريم الغلو في الدين والتشدد فيه ولو بتحريم الطيبات وترك التمتع بها، وتحريم الخبائث والاعتداء والإسراف في الطيبات (ج6،ج 7).
-قاعدة إباحة الاضطرار للمحرم لذاته فيما يضطر إليه كالطعام، ومنه أخذ الفقهاء قولهم الضرورات تبيح المحظورات (راجع ج6)
-قاعدة التفاوت بين الخبيث والطيب وكونهما لا يستويان في الحكم كما أنهما لا يستويان في أنفسهما وفيما يترتب عليهما. وهذا أصل عظيم من أصول التحليل والتحريم في الطعام وغيره يدل على تعليل الأحكام الشرعية بالحكم والمصالح، وعلى عدم استواء جزاء الخبيث والطيب من الناس عند الله عز وجل (ج 7) وما كان تعليل الأحكام وبيان حكمتها وفائدتها إلا لأجل توخيها- كأحكام الطهارة وتحريم الخمر والميسر وبعض الطعام وأحكام الوصية والشهادة وإقسام الشهداء اليمين – وإنك لتجد الذين يجهلون ذلك لإعراضهم عن حكم القرآن وأسرار السنة قد جعلوا أمر الوضوء والغسل تعبديا محضا لا يستلزم النظافة فعلا ولا قصدا، وزعموا أن التحريم تعبدي لا يدل على تحريم كل مسكر بناء على رأيهم أن الخمر ما كان من عصير العنب خاصة، فما القول في فهمهم لسائر الأحكام؟
- تحريم الاعتداء على قوم بسبب بغضهم وعداوتهم، لأنه يجب على المؤمنين أن يلتزموا الحق والعدل ولا يكونوا كأهل السياسة المدنية (ج 6).
- وجوب الشهادة بالقسط والحكم بالعدل والمساواة فيهما بين غير المسلمين كالمسلمين ولو للأعداء على الأصدقاء، وتأكيد وجوب العدل في سائر الأحكام والأعمال (ج 6).
- الأمر المطلق العام في أول السورة بالوفاء بالعقود التي يتعاقد الناس عليها في جميع معاملاتهم الدنيوية من شخصية ومدنية، وهذه قاعدة عظيمة من قواعد الشريعة الإسلامية، وهي أن الله تعالى وكل أمر العقود التي يتعاملون بها إلى عرفهم ومواضعاتهم لأنها من مصالحهم التي تختلف باختلاف الأحوال، فلم يقيدهم في أحكامها وشروطها بقيود دائمة إلا ما أوجبه الشرع مما لا يختلف باختلاف الأحوال والعرف كتحريم أكل أموال الناس بالباطل كالربا والقمار، فكل عقد يتعاقد عليه الناس لم يحل حراما ولم يحرم حلالا مما ثبت بالنص ولو اقتضاء فهو جائز.
- إيجاب التعاون على البر والتقوى ومنه تأليف الجماعات الخيرية والعلمية وتحريم التعاون على الإثم والعدوان.
- بيان أن الله تعالى جعل الكعبة البيت الحرام قياما للناس في أمر دينهم ودنياهم، فهو جعل تكويني باعتبار وشرعي باعتبار آخر، وهو يدل على علمه الواسع، المحيط بالأشياء والحكم والمصالح والمنافع.
- النهي عن موالاة المؤمنين للكافرين وبيان أن من آيات النفاق ومرض القلب المسارعة في موالاتهم من دون المؤمنين خوفا أن تدور الدائرة على المؤمنين فتكون لهم يد عند أعدائهم يستفيدون بها منهم (ج 6).
- تفصيل أحكام الوضوء والغسل والتيمم مع بيان أن الله تعالى يريد أن يطهر الناس ويزكيهم بما شرعه لهم من أحكام الطهارة وغيرها، وشمول الطهارة في آية الوضوء لطهارة الظاهر والباطن. وهذا يدل على أن أحكام الطهارة كلها معقولة المعنى كما أشرنا إليه في المسألة الرابعة عشرة، فيجب أن يتحرى بأداء ما ورد به الشرع ما تتحقق به الحكمة منه، ويدل على أن الوسوسة في الطهارة مذمومة مخالفة لنص الشرع ومقصده.
- تفصيل أحكام حلال الطعام وحرامه وبيان ما حرم منه لكونه خبيثا في ذاته كالميتة وما في معناها والخنزير وما حرم لسبب ديني كالذي يذبح للأصنام.
- تحريم الخمر وهو كل مسكر، والميسر وهو القمار ومنه ما يسمى في عرف الناس اليوم بالمضاربات.
- تفصيل الصيد للحرم وغيرهم في أوائل السورة وأواخرها.
- حدود المحاربين الذين يفسدون في الأرض، ويخرجون على أئمة العدل، وحد السرقة، وما يتعلق بالحد كسقوطه بالتوبة بشرطه.
- أحكام الإيمان وكفارتها وإيمان الأمناء والشهود.
- تأكيد أمر الوصية قبل الموت وأحكام الشهادة على الوصية وفي قضاياها وشهادة غير المسلم على المسلم، والفرق بين الشهادة والإشهاد. وإننا بعد الإطالة في تفسير الآيات في الوصية والشهادة فيها لخصنا مسائلها في 15 مسألة.
- الأمر بالتقوى في عدة آيات من هذه السورة تدخل في جمع الكثرة، لأن صلاح أمور الدنيا والدين يتوقف على التزامها، وإنما يرجى بتكرار الأمر بها في كل سياق بحسبه.
- بيان تفويض أمر الجزاء إلى الله تعالى وحده كما حكاه سبحانه من قول المسيح في ذلك اليوم مقرونا بتعليله ودليله، وكون النافع في ذلك اليوم هو الصدق في الظاهر والباطن، جعلنا الله من أهله.
ما ورد من الأخبار والحجاج والأحكام (في شأن أهل الكتاب)
من الآيات في هذا القسم ما نزل في شأن أهل الكتاب عامة، ومنه ما هو في أحد الفريقين خاصة. فمن المشترك وصفهم بالغلو في دينهم المستلزم للتعصب الضار، وباتباعهم أهواء من ضل قبلهم من الوثنيين وغيرهم، وبالغرور في دينهم وزعمهم أنهم أبناء الله وأحباؤه، وبأنهم مع ذلك نقضوا ميثاق ربهم، ونسوا حظا عظيما مما ذكرهم الله به على ألسنة أنبيائهم، ولم يقيموا التوراة والإنجيل كما أوجب الله عليهم، وقد فند دعواهم أنهم أبناؤه وأحباؤه بما يأتي ذكره قريبا وبين الله لهم حقيقة الأمر وهي أنهم بشر ممن خلق الله، لا مزية لهم على سائر البشر في أنفسهم وذواتهم، لأن البشر إنما يمتاز بعضهم على بعض بالعلوم الصحيحة والأخلاق الكريمة والأعمال الصالحة، لا بالنسب والانتماء إلى الأنبياء والصالحين وإن كانوا مخالفين لهم في هدايتهم.
وذكر من جزائهم على سوء أعمالهم في الدنيا إلقاء العداوة والبغضاء بينهم، وأنه يعذبهم في الدنيا بذنوبهم الشخصية والقومية كغيرهم، وأن ذلك يدحض دعواهم أنهم أبناء الله وأحباؤه، ودعاهم كافة إلى الإسلام، والإيمان بخاتم الرسل عليه الصلاة والسلام، الذي بين لهم حقيقة دينهم الذي كان عليه سلفهم، ودحض ما زادوا فيه بالبرهان، وبين بعض ما كانوا يخفون أو يجهلون منه أحسن بيان.
ووصف التوراة والإنجيل أحسن وصف، وذكر من أخبار التوراة قصة ابني آدم بالحق، ومن أحكامها عقوبات القتل وإتلاف الأعضاء والجروح، ومن أخبار الإنجيل والمسيح ما هو حجة على الفريقين، وبين أن الكتابين أنزلا نورا وهدى للناس، وأنهم لو كانوا أقاموهما لكانوا في أحسن حال، ولسارعوا إلى الإيمان بما أنزله الله على خاتم رسله مصدقا لأصلهما، ومبينا لما طرأ عليهما، ومكملا لدين الأنبياء جميعا، على سنة الله في النشوء والارتقاء، التي هي أظهر في البشر منها في سائر الأشياء، ولكنهم اتخذوا الإسلام هزؤا ولعبا في جملته وفي صلاته، ووالوا عليه المناصبين له من أعدائه، فنهى الله المؤمنين عن موالاتهم.
ومما جاء في اليهود خاصة نعيا عليهم وبيانا لسوء حالهم، أنهم نقضوا ميثاق الله الذي أخذه عليهم في كتابهم ونسوا حظا عظيما مما ذكروا به، وحرفوا الكلم عن مواضعه، وتركوا الحكم بالتوراة وأخفوا بعض أحكامها، وحكموا الرسول ولم يرضوا بحكمه الموافق لها، وأن من صفاتهم الغالبة عليهم قساوة القلب، والخيانة والمكر والكذب وقول الإثم، والمبالغة في سماع الكذب وأكل السحت، والسعي بالفساد في الأرض، وفي إيقاد نار الفتن والحرب، وأنهم كانوا يقتلون الأنبياء والرسل بغير حق، تمردوا على موسى إذ أمرهم بدخول الأرض المقدسة وقتال الجبارين فعاقبهم الله بالتيه في الأرض، وأنهم كانوا أشد الناس عداوة للمؤمنين، حتى أنهم يوالون عليهم المشركين، بسبب ما ورثوه من تلك الصفات عن الغابرين. وذكر أنه عاقبهم على ذلك كله باللعن على ألسنة الرسل، وبالغضب والمسخ، وهذه الصفات التي غلبت عليهم في زمن البعثة وقبله تثبتها تواريخهم وتواريخ غيرهم، ومن المعلوم أنها لم تكن عاملة فيهم ولا شاملة لجميع أفرادهم، فقد أنصفهم الحكم العدل في هذه السورة وغيرها بالحكم على الكثير منهم أو على أكثرهم، ومنه قوله في هذه السورة {منهم أمة مقتصدة وكثير منهم ساء ما يعملون} [المائدة: 66] وبينا في هذا الموضوع ما كان بعد النبي صلى الله عليه وسلم من مساعدة اليهود للمسلمين في الشام والأندلس.
ومما جاء في النصارى خاصة أنهم نسوا – كاليهود – حظا مما ذكروا به، وأنهم قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم، وقالوا إن الله ثالث ثلاثة، ورد عليهم هذه العقيدة بالأدلة العقلية، وببراءة المسيح منها ومن منتحليها يوم القيامة، وبين لهم حقيقة المسيح وأنه عبد الله ورسوله وروح منه، وما أيده به من الآيات، وحال حوارييه وتلاميذه في الإيمان. وبين أنهم أقرب الناس مودة للمؤمنين، {ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون} [المائدة: 82] فليراجع تفسير ذلك في أول الجزء السابع.
وجملة الآيات الواردة في أهل الكتاب تشهد لنفسها أنها من عند الله تعالى لا من عند محمد بن عبد الله العربي الأمي الذي لم يقرأ شيئا من تلك الكتب، على أن تلك الآيات ليست موافقة لها ولهم موافقة الناقل للمنقول عنه، وإنما هي فوق ذلك تحكم لهم وعليهم وفيهم وفي كتبهم حكم المهيمن السميع العليم.
أحكام السورة الخاصة بأهل الكتاب:
لو كان هذا القرآن من وضع البشر لشرع معاملة أهل الكتاب الموصوفين بما ذكر – ولا سيما الذين ناصبوا الإسلام العداء عند ظهوره – بأشد الأحكام وأقساها. ولكنه تنزيل من حكيم حميد، أمر في هذه السورة بمعاملتهم بالعدل، والحكم بينهم بالقسط وحكم بحل مؤاكلتهم، وتزوج نسائهم وقبول شهادتهم، والعفو والصفح عنهم، وهذه الأحكام التي شرعت هذه المعاملة الفضلى لهم نزلت بعد إظهار اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين منتهى العداوة والغدر، وبعد أن ناصبوه مع المشركين الحرب وهي تتضمن تأليف قلوبهم، واكتساب مودتهم، (راجع ج 6).
وقد ختم الله تعالى السورة بذكر الجزاء في الآخرة بما يناسب أحكامها كلها كما بيناه في تفسير آخر آية منها.
روى أحمد والنسائي والحاكم وصححه البيهقي في سننه وبعض رواة التفسير عن جبير بن نفير قال: حججت فدخلت على عائشة فقالت لي يا جبير تقرأ المائدة؟ فقلت نعم. فقالت أما أنها آخر سورة نزلت فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه، وما وجدتم فيها من حرام فحرموه، وروى أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن عبد الله بن عمرو قال: آخر سورة نزلت سورة المائدة والفتح. وقد تقدم في آخر تفسير سورة النساء بعض ما ورد في آخر ما نزل من القرآن من السور برمتها ومن الآيات، وكان يروي ما وصل إليه علمه، والله أعلم.