ثم قال - تبارك وتعالى - مُعَظِّماً لِنَفْسِهِ : { لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } .
قيل : إنَّ هذا جواب عن سُؤالٍ مُقَدَّرٍ ، كأنَّهُ قيل : من يُعْطِيهِمْ ذلك الفَوْز العَظِيم ، فقيل : الذي لَهُ مُلْك السماواتِ والأرْضِ .
قال القرطبي : جاء هذا عقب ما جرى من دعوى النصارى في عيسى أنه إله فأخبر تعالى أن ملك السماوات والأرض له دون عيسى ودون سائر المخلوقين ، ويجوز أن يكون المعنى أن الذي له ملك السماوات والأرض يعطي الجنات المتقدم ذكرها للمطيعين من عباده .
واعلم : أنَّهُ - تبارك وتعالى - قال : " ومَا فِيهِنَّ " ولم يَقُلْ : مَنْ فيهِنَّ ، فَغَلَّبَ غَيْرَ العُقَلاَءِ على العُقَلاَءِ لفائِدَةٍ وهي : التنْبِيهُ على أنَّ كُلَّ المَخْلُوقَاتِ مُسَخَّرُون في قَبْضَةِ قَهْرِهِ وقُدْرَتِهِ وقَضَائِهِ وقدرِه ، وهُمْ في ذلك التَّسْخِيرِ كالجَمَادَاتِ الَّتِي لا قُدْرَةَ لَهَا ، وكالْبَهَائِمِ الَّتِي لا عَقْلَ لَهَا ، فعلْمُ الكُلِّ بالنِّسْبَةِ إلى عِلْمِه كَلاَ عِلْم ، وقُدْرَةُ الكُلِّ بالنِّسْبَةِ إلى قُدْرَتِهِ كَلاَ قُدْرَة .
رُوِي أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سُورة المائدةِ في خُطْبَتِهِ يَوْمِ حجَّة الوَدَاع ، وقال : " يا أيُّهَا النَّاسُ : إنَّ سُورة المائدةِ من آخِرِ القُرْآنِ نُزُولاً ، فأحِلُّوا حَلاَلَهَا وحَرِّمُوا حَرَامَهَا " {[1]} .
وقال عَبْدُ الله بنُ عُمَر : أنْزِلَتْ على رسُولِ الله صلى الله عليه وسلم سُورَةُ المَائِدةِ وهُو عَلَى راحِلَتِهِ ، فَلمْ تَسْتَطِعْ أن تَحْمِلَهُ حَتَّى نَزَلَ عَنْهَا{[2]} .
وعن أبيِّ بن كَعْبٍ قال : قال رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : " مَنْ قَرأ سُورَةَ المائِدةِ أعْطِيَ مِنَ الأجْرِ بِعَدَدِ كُلِّ يَهُوديٍّ ونَصْرَانِيٍّ يَتَنَفَّسُ في دَارِ الدُّنْيَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ ، وَمُحِيَ عَنْهُ عَشْرُ سَيِّئَاتٍ ، ورُفِعَ لَهُ عَشْرُ دَرَجَاتٍ " {[3]} واللَّهُ - تبارك وتعالى - أعلمُ بالصَّوَاب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.