المنتخب في تفسير القرآن الكريم للمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - المنتخب [إخفاء]  
{وَٱلۡأَرۡضَ مَدَدۡنَٰهَا وَأَلۡقَيۡنَا فِيهَا رَوَٰسِيَ وَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيۡءٖ مَّوۡزُونٖ} (19)

19- وخلقنا لكم الأرض ومهدناها حتى صارت كالبساط الممدود ، ووضعنا فيها جبالاً ثابتة ، وأنبتنا لكم فيها من كل أنواع النبات ما يحفظ حياتكم ، وجعلناه مُقدرا بأزمان معينة في نموه وغذائه ، ومُقدَّراً بمقدار حاجتكم ومقدار كميته ، وفي أشكاله في الخلق والطبيعة{[105]} .


[105]:تقرر هذه الآية حقيقة علمية لم تعرف إلا بعد الدراسات المعملية للنبات، وهي أن كل صنف من النبات تتماثل أفراده من الوجهة الظاهرية تماثلا تاما، وفي التكوين الداخلي نجد أن التناسق تام والتوازن دقيق في كافة أجهزة النبات المختلفة، وكذلك بين الخلايا لتحقيق الغرض الذي وجدت من أجله. وقد تختلف من نوع لآخر ولكنها ثابتة للصنف الواحد.
 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَٱلۡأَرۡضَ مَدَدۡنَٰهَا وَأَلۡقَيۡنَا فِيهَا رَوَٰسِيَ وَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيۡءٖ مَّوۡزُونٖ} (19)

وبعد أن بين - سبحانه - بعض الدلائل السماوية الدالة على قدرته ووحدانيته ، أتبع ذلك ببيان بعض الدلائل الأرضية فقال - تعالى - : { والأرض مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْزُونٍ } . وقوله : { رواسى } من الرسو وهو ثبات الأجسام الثقيلة . يقال رسا الشئ يرسو أى ثبت .

أى : ومن الأدلة - أيضاً - على وحدانيتنا وقدرتنا ، أننا مددنا الأرض وفرشناها وبسطناها ، لتتيسر لكم الحياة عليها قال - تعالى - { والأرض فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الماهدون } وأننا - أيضاً وضعنا فيها جبالاً ثوابت راسخات تمسكها عن الاضطراب وعن أن تميد بكم . قال - تعالى - : { خَلَقَ السماوات بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وألقى فِي الأرض رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ . . . } وأننا - أيضًا - أنبتنا في الأرض من كل شيء { موزون } أى : مقدر بمقدار معين وموزون بميزان الحكمة ، بحيث تتوفر فيه كل معانى الجمال والتناسق .

قال - تعالى - : { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ }

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلۡأَرۡضَ مَدَدۡنَٰهَا وَأَلۡقَيۡنَا فِيهَا رَوَٰسِيَ وَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيۡءٖ مَّوۡزُونٖ} (19)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَالأرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِن كُلّ شَيْءٍ مّوْزُونٍ } .

يعني تعالى ذكره بقوله : والأرْضَ مَدَدْناها والأرض دحوناها فبسطناها ، وألْقَيْنا فِيها رَوَاسِيَ يقول : وألقينا في ظهورها رواسيَ ، يعني جبالاً ثابتة كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : والأرْضَ مَدَدْناها ، وقال في آية أخرى : والأرْضَ بَعْدَ ذلكَ دَحاها وذُكر لنا أن أمّ القرى مكة ، منها دُحيت الأرض .

قوله : وألقينا فِيها رَوَاسيَ رواسيها : جبالها . وقد بيّنا معنى الرسوّ فيما مضى بشواهده المغنية عن إعادته . وقوله : وأنْبَتْنَا فِيها مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ يقول : وأنبتنا في الأرض من كلّ شيء يقول : من كلّ شيء مقدّر ، وبحدّ معلوم .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا المثنى ، قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وأنْبَتْنَا فِيها مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ يقول : معلوم .

حدثني محمد بن سعد ، قال : حدثنا أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : وأنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ يقول : معلوم .

حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح ، أو عن أبي مالك ، في قوله : مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ قال : بقدر .

حدثنا المثنى ، قال : حدثنا عمرو بن عون ، قال : أخبرنا هشيم ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح أو عن أبي مالك ، مثله .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحماني ، قال : حدثنا شريك ، عن خصيف ، عن عكرمة : مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ قال : بقدْر .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عليّ ، يعني ابن الجعد ، قال : أخبرنا شريك ، عن خصيف ، عن عكرمة : مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ قال : بقدْر .

حدثنا أحمد بن إسحاق ، قال : قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن خصيف ، عن عكرمة ، قال : بقدْر .

حدثنا أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن حصين ، عن سعيد بن جبير : مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ قال : معلوم .

حدثنا مجاهد بن موسى ، قال : حدثنا يزيد ، قال : أخبرنا عبد الله بن يونس ، قال : سمعت الحكم بن عتيبة وسأله أبو مخزوم عن قوله : مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ قال : من كلّ شيء مقدور .

حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا يزيد بن هارون ، قال : أخبرنا عبد الله بن يونس ، قال : سمعت الحكم ، وسأله أبو عروة عن قول الله عزّ وجلّ : مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ قال : من كلّ شيء مقدور . هكذا قال الحسن : وسأله أبو عروة .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء وحدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا شبابة ، قال : حدثنا ورقاء وحدثني المثنى ، قال : أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل وحدثني المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال : حدثنا عبد الله ، عن ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، في قول الله : مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ قال : مقدور بقدْر .

حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد : مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ قال : مقدور بقدْر .

حدثني المثنى ، قال : حدثنا عليّ بن الهيثم ، قال : حدثنا يحيى بن زكريا ، عن ابن جريج ، عن مجاهد ، قال : مقدور بقدْر .

حدثنا المثنى ، قال : حدثنا عليّ بن الهيثم ، قال : حدثنا يحيى بن زكريا ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن أبي صالح : مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ قال : بقدْر .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وأنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ يقول : معلوم .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، مثله .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : مِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ يقول : معلوم .

وكان بعضهم يقول : معنى ذلك وأنبتنا في الجبال من كلّ شيء موزون يعني من الذهب والفضة والنحاس والرصاص ونحو ذلك من الأشياء التي توزن . ذكر من قال ذلك :

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وأنْبَتْنا فِيهامِنْ كُلّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ قال : الأشياء التي توزن .

وأولى القولين عندنا بالصواب القول الأوّل لإجماع الحجة من أهل التأويل عليه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱلۡأَرۡضَ مَدَدۡنَٰهَا وَأَلۡقَيۡنَا فِيهَا رَوَٰسِيَ وَأَنۢبَتۡنَا فِيهَا مِن كُلِّ شَيۡءٖ مَّوۡزُونٖ} (19)

{ والأرض مددناها } بسطناها . { وألقينا فيها رواسي } جبالا ثوابت . { وأنبتنا فيها } في الأرض أو فيها وفي الجبال . { من كل شيء موزون } مقدر بمقدار معين تقتضيه حكمته ، أو مستحسن ، مناسب من قولهم كلام موزون ، أو ما يوزن ويقدر أو له وزن أبواب النعمة والمنفعة .