ثم ضرب مثلا حين غروا اليهود فتبرؤا منهم عند الشدة وأسلموهم ، فقال :{ كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر } وذلك أنه كان راهبا في بني إسرائيل اسمه برصيصا ، وكان في صومعته أربعين عاما ، يعبد الله ، ولا يكلم أحدا ، ولا يشرف على أحد ، وكان لا يكل من ذكر الله عز وجل ، وكان الشيطان لا يقدر عليه مع ذكره الله تعالى .
فقال الشيطان لإبليس : قد غلبني برصيصا ، ولست أقدر عليه ، فقال إبليس : اذهب ، فانصب له ما نصبت لأبيه من قبل ، وكانت جارية ثلاثة من بني إسرائيل عظيمة الشرف جميلة من أهل بيت صدق ، ولها إخوة فجاء الشيطان إليها ، فدخل في جوفها فخنقها حتى ازبدت ، فالتمس إخواتها لها الأطباء ، وضربوا لها ظهرا وبطنا ويمينا وشمالا ، فأتاهم الشيطان في منامهم ، فقال : عليكم ببرصيصا الراهب ، فليدع لها ، فإنه مستجاب الدعاء ، فلما أصبحوا ، قال بعضهم لبعض : انطلقوا بأختنا إلى برصيصا الراهب ، فليدع لها ، فإنا نرجوا البركة في دعائه ، فانطلقوا بها إليه ، فقالوا : يا برصيصا أشرف علينا ، وكلمنا فإنا بنو فلان ، وإنما جئنا لباب حسنة ، وأجر ، فأشرف فكلمهم وكلموه ، فلما رد عليها وجد الشيطان خللا فدخل في جوفه ، ووسوس إليه ، فقال : يا برصيصا هذا باب حسنة وأجر ، تدعو الله لها فيشفيها ، فأمرهم أن يدخلوها الحربة وينطلقوا هم ، فأدخلوها الحربة ومضوا ، وكان برصيصا لا يتهم في بني إسرائيل ، فقال له الشيطان : يا برصيصا انزل فضع يدك على بطنها ، وناصيتها ، وادع لها ، فما زال به حتى أنزله من صومعته ، فلما نزل خرج منه ، فدخل في جوف الجارية فاضطربت ، وانكشفت ، فلما رأى ذلك ، ولم يكن له عهد بالنساء وقع بها .
قال الشيطان : يا برصيصا يا أعبد بني إسرائيل ما صنعت ؟ الزنا بعد العبادة يا برصيصا ؟ إن هذه تخبر أخواتها بما أتيت لها فتفتضح في بني إسرائيل فاعمد إليها ، فاقتلها وادفنها في التراب ، ثم اصعد إلى صومعتك ، وتب إلى الله ، وتعبد فإذا جاء أخوتها ، فسألوا عنها ، فأخبرهم أنك دعوت لها ، وأن الجني طار عنها ، وأنهم طاروا بها ، فمن هذا الذي يتهمك في بني إسرائيل ، فقتلها ودفنها في الخربة ، فلما جاء إخوتها ، قالوا : أين أختنا ؟ فقال : أختكم طارت بها الجن ، فرجعوا وهم لا يتهمونه ، فأتاهم الشيطان في المنام ، فقال : إن برصيصا قد فضح أختكم ، فلما أصبحوا جعل كل واحد منهم يكلم صاحبه بما رأى ، فتكلم بما رأى ، فقال الآخر : لقد رأيت مثل ما رأيت ، فقال الثالث : مثل ذلك ، فلم يرفعوا بذلك رأسا حتى رأوا ثلاث ليال ، فانطلقوا إلى برصيصا ، فقالوا : أين أختنا ؟ فقال : لا أدري طارت بها الجن ، فدخلوا الخربة ، فإذا هم بالتراب ناتئ في الخربة فضربوه بأرجلهم فإذا هم بأختهم فأتوه ، فقالوا : يا عدو الله ، قتلت أختنا ، فانطلقوا إلى ذلك فأخبروه ، فبعث إليه فاستنزله من صومعته ، ونحتوا له خشبه ، فأوثقوه عليها فأتاه الشيطان ، فقال : أتعرفني يا برصيصا ، قال : أي ، قال : أنا الذي أنزلتك هذه المنزلة ، فإن فعلت ما آمرك به استنقذتك مما أنت فيه ، وأطلعتك إلى صومعتك ؟ قال : وبماذا ؟ قال : أتمثل لك في صورتي ، فتسجد إلى سجدة واحدة وأنجيك مما هنا ؟ قال : نعم ، فتمثل له الشيطان في صورته فسجد له وكفر بالله فانطلق الشيطان ، وتركه ، وقتل برصيصا ، فذلك قوله : { كمثل الشيطان إذ قال للإنسان أكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.