قوله تعالى : { كَمَثَلِ الشيطان إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكفُر } .
هذا مثل ضربه الله للمنافقين واليهود في تخاذلهم وعدم الرجاء في نصرتهم ، وحذف حرف العطف ولم يقل : وكمثل الشيطان ، لأن حذف حرف العطف كثير ، كقولك : أنت عاقل ، أنت كريم ، أنت عالم{[56045]} .
وقوله : { كَمَثَلِ الشيطان } كالبيان لقوله { كَمَثَلِ الذين مِن قَبْلِهِمْ } .
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : أن الإنسان الذي قال له الشيطان : اكفر ؛ راهب ، نزلت عنده امرأة أصابها لممٌ ليدعو لها فزيّن له الشيطان فوطئها فحملت ، ثم قتلها خوفاً أن يفتضح ، فدلّ الشيطان قومها على موضعها ، فجاءوا فاستنزلوا الراهب ليقتلوه ، فجاء الشيطان فوعده إن سجد له أنجاه من هذه الورطة منهم فسجد فتبرّأ منه فأسلمه ، ذكره{[56046]} القاضي إسماعيل ، وعلي بن المديني ، عن سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، عن عروة بن عامر ، عن عبيد بن رفاعة الزرقي ، عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر خبره طويلاً .
وذكر ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : { كَمَثَلِ الشيطان } أنه كان راهب في الفترة يقال له : برصيصا ، قد تعبد في صومعته سبعين سنة لم يعص الله فيها طرفة عين حتى أعيا إبليس ، وذكر خبر برصيصا بتمامه{[56047]} .
قال ابن عباس رضي الله عنهما : فضرب الله ذلك مثلاً للمنافقين مع اليهود ، وذلك أن الله - تعالى - أمر نبيه أن يُجلِيَ بني النضير من «المدينة » ، فدس إليهم المنافقون ألاَّ تخرجوا من دياركم ، فإن قاتلوكم قاتلنا معكم ، وإن أخرجوكم كنا معكم ، فحاربوا النبي صلى الله عليه وسلم فخذلهم المنافقون وتبرءوا منهم كما تبرأ الشيطان من برصيصا العابد{[56048]} .
وقيل{[56049]} : المعنى مثل المنافقين في غدرهم لبني النضير كمثل إبليس إذ قال لكفار قريش : { لاَ غَالِبَ لَكُمُ اليوم مِنَ الناس وَإِنِّي جَارٌ لَّكُمْ } [ الأنفال : 48 ] الآية .
وقال مجاهد : المراد بالإنسان ها هنا جميع الناس في غرور الشيطان إياهم{[56050]} .
ومعنى{[56051]} قوله تعالى : { إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ اكفُر } .
أي : أغواه حتى قال : إنِّي كافر ، وليس قول الشيطان : { إني أَخَافُ الله رَبَّ العالمين } حقيقة ، إنما هو على وجه التبرُّؤ من الإنسان ، فهو تأكيد لقوله تعالى : { إِنِّي بريءٌ مِّنكَ } .
وفتح الياء من «إني » نافع ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، وأسكن الباقون{[56052]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.