وقوله سبحانه : { كَمَثَلِ الشيطان } معناه : أَنَّ هاتينِ الفرقتين من المنافقين وبني النضير ، كمثل الشيطان مع الإنسان ؛ فالمنافقونَ مَثَلُهُمُ الشيطان ، وبنو النضير مثلهم الإنسان ، وذهب مجاهد وجمهور من المتأولين إلى أَنَّ الشيطانَ والإنسانَ في هذه الآية اسما جنس ، فكما أَنَّ الشيطان يغوي الإنسان ، ثم يَفِرُّ عنه بعد أَنْ يُوَرِّطَهُ ؛ كذلك أغوى المنافقون بني النضير وحَرَّضُوهم على الثبوت ، ووعدوهم النصرَ ، فَلَمَّا نَشَبَ بنو النضير ، وكشفوا عن وجوههم تركهم المنافقون في أسوأ حال ، وذهب قوم من رواة القصص إلى أَنَّ هذا في شيطانٍ مخصوصٍ مع عابد مخصوص ، اسمه «بَرْصِيصَا » ، اسْتُودِعَ امرأة جميلةً ، وقيل : سِيقَتْ إليه لِيَشْفِيهَا بدعائه من الجنون ، فَسَوَّلَ له الشيطانُ الوقوعَ عليها ، فحملت منه ، فَخَشِيَ الفضيحة ، فسَوَّلَ له قَتْلَهَا وَدَفْنَهَا ، ففعل ، ثم شَهَّرَهُ ، فَلَمَّا اسْتُخْرِجَتِ المرأة ، وحُمِلَ العابدُ شَرَّ حَمْلٍ ، وَصُلِبَ جَاءَهُ الشيطانُ فَقَالَ له : اسجد لي سجدةً وأنا أُخَلِّصُكَ ، فسجد له ، فقال له الشيطان : هذا الذي أردتُ منك أَنْ كفرتَ بربك ، إنِّي بريء منك ، فضرب اللَّه تعالى هذا المَثَلَ ليهودِ بني النضير والمنافقين ، وهذا يحتاج إلى صِحَّةِ سَنَدٍ ، والتأويل الأول هو وجه الكلام .
( ت ) : قال السهيلي : وقد ذكر هذه القصةَ هكذا القاضي إسماعيلُ وغيره من طريق سفيان عن عمرو بن دينار ، عن عُرْوَةَ بنِ عَامِرِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ رِفَاعَةَ الزُّرْقِيِّ ، عنِ النبي صلى الله عليه وسلم : " أنَّ رَاهِباً كَانَ في بَنِي إسرائيل " فذكر القصة بكمالها ، ويقال : إنَّ اسمَ هذا الراهب «بَرْصِيصَا » ، ولم يذكر اسمه القاضي إسماعيل ، انتهى ، قال ( ع ) : وقول الشيطان : { إِنِّي أَخَافُ الله } رياءً من قوله ، وليست على ذلك عقيدته ، ولا يعرف اللَّه حَقَّ معرفته ، ولا يحجزه خوفُه عن سُوءٍ يوقع فيه ابنَ آدم من أول إلى آخر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.