البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{كَمَثَلِ ٱلشَّيۡطَٰنِ إِذۡ قَالَ لِلۡإِنسَٰنِ ٱكۡفُرۡ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيٓءٞ مِّنكَ إِنِّيٓ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (16)

{ كمثل الشيطان } : لما مثلهم بمن قبلهم ، ذكر مثلهم مع المنافقين ، فالمنافقون كالشيطان ، وبنو النضير كالإنسان ، والجمهور : على أن الشيطان والإنسان اسما جنس يورطه في المعصية ثم يفر منه .

كذلك أغوى المنافقون بني النضير ، وحرضوهم على الثبات ، ووعدوهم النصر .

فلما نشب بنو النضير ، خذلهم المنافقون وتركوهم في أسوأ حال .

وقيل : المراد استغواء الشيطان قريشاً يوم بدر .

وقوله لهم : { لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم } إلى قوله : { إني بريء منكم } وقيل : التمثيل بشيطان مخصوص مع عابد مخصوص استودع امرأة ، فوقع عليها فحملت ، فخشي الفضيحة ، فقتلها ودفنها .

سول له الشيطان ذلك ، ثم شهره ، فاستخرجت فوجدت مقتولة ؛ وكان قال إنها ماتت ودفنتها ، فعلموا بذلك ، فتعرض له الشيطان وقال : اكفر واسجد لي وأنا أنجيك ، ففعل وتركه عند ذلك وقال : أنا بريء منك .

وقول الشيطان : { إني أخاف الله } رياء ، ولا يمنعه الخوف عن سوء يوقع ابن آدم فيه .