تفسير مقاتل بن سليمان - مقاتل  
{أَوۡ تَقُولُوٓاْ إِنَّمَآ أَشۡرَكَ ءَابَآؤُنَا مِن قَبۡلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةٗ مِّنۢ بَعۡدِهِمۡۖ أَفَتُهۡلِكُنَا بِمَا فَعَلَ ٱلۡمُبۡطِلُونَ} (173)

{ أو تقولوا } لئلا تقولوا : { إنما أشرك آباؤنا } ونقضوا الميثاق ، { من قبل } شركنا ، ولئلا تقولوا : { وكنا ذرية من بعدهم } ، فاقتدينا بهم وبهداهم ، لئلا تقولوا : { أفتهلكنا بما فعل المبطلون } ، يعني أفتعذبنا بما فعل المبطلون ، يعني المكذبين بالتوحيد ، يعنون آباءهم ، كقوله : { إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون } ( الزخرف : 23 ) .

ثم أفاضهم إفاضة القدح ، فقال للبيض : هؤلاء في الجنة برحمتي ، فهم أصحاب اليمين ، وأصحاب الميمنة ، وقال للسود : هؤلاء للنار ، ولا أبالي ، فهم أصحاب الشمال ، وأصحاب المشأمة ، ثم أعادهم جميعا في صلب آدم ، عليه السلام ، فأهل القبور محبسون حتى يخرج الله أهل الميثاق كلهم من أصلاب الرجال وأرحام النساء ، ثم تقوم الساعة ، فذلك قوله : { لقد أحصاهم } يوم القيامة { وعدهم عدا } ( مريم : 94 ) ، فمن مات منهم صغيرا ، فله الجنة بمعرفته بربه ، ومن بلغ منهم العقل أخذ أيضا ميثاقه بمعرفته لربه ، والطاعة له ، فمن لم يؤمن إذا بلغ العقل لم يغن عنه الميثاق الأول شيئا ، وكان العهد والميثاق الأول حجة عليهم ، وقال فيمن نقض العهد الأول : { وما وجدنا لأكثرهم من عهد } ، يعني من وفاء ، يعني أكثر ولد آدم ، عليه السلام ، { وإن وجدنا أكثرهم لفاسقين } ( الأعراف : 102 ) ، يعني لعاصين .