التفسير : إنه سبحانه ذكر في هذه السورة رداءة ما عليه جبلة الإنسان من قلة الشكر والصبر والحرص على المال بحيث يكاد يشغله عن تحصيل الكمال الحقيقي ، وعن المعاد الذي إليه مآل حال العباد ، فأقسم على ذلك بالأمور والتي هي مركوزة في خزانة خيالهم ، ولا تكاد تخلو في الأغلب عن الخطور ببالهم . وفي تفسيرها قولان مرويان : الأول أن العاديات هي الإبل . يروى عن ابن عباس أنه قال : بينا أنا جالس في الحجر إذ جاء رجل فسألني عن { العاديات ضبحاً } ففسرتها بالخيل ، فذهب إلى علي رضي الله عنه وهو بجنب سقاية زمزم فسأله ، وذكر له ما قلت ، فقال : ادعه لي ، فلما وقفت على رأسه قال : تفتي الناس بما لا علم لك به ، والله إن كانت لأول غزوة في الإسلام - يعني بدراً - وما كان معنا إلا فرسان : فرس للزبير وفرس للمقداد . { والعاديات ضبحاً } الإبل تعدو من عرفة إلى مزدلفة ومن المزدلفة إلى منى ، والضبح على هذا مستعار ؛ لأن أصل استعماله في الخيل ، وهو صوت أنفاسها إذا عدون ، وهذا الصوت غير الصهيل وغير الحمحمة ، وانتصابه على " يضبحن ضبحاً " أو بالعاديات ؛ لأن العدو لا يخلو عن الضبح ، أو على الحال .
وهكذا القول في { الموريات قدحاً } لأن الإبل قلما توري أخفافها . يقال : قدح فأورى وقدح فأصلد .
{ فالمغيرات } أي المسرعات ، يندفعون صبيحة يوم النحر مسرعين إلى منى .
{ فأثرن } من الإثارة ، أي هيجن ، وهو حكاية الماضي ، أو هو نحو { ونادى } [ الأعراف :48 ] { وسيق } [ الزمر :72 ] { به } أي بالعدو ، أو بذلك الوقت { نقعاً } غباراً .
{ فوسطن } أي توسطن { به } بذلك الوقت أو بالعدو ، أو متلبسة بالنقع . { جمعاً } وهو المزدلفة لاجتماع الحاج بها .
القول الثاني : عن مجاهد وقتادة والضحاك وأكثر المحققين أن العاديات الخيل ، ويروى ذلك مرفوعاً . قال الكلبي : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية إلى ناس من كنانة فمكثت ما شاء الله أن تمكث لا يأتيه منهم خبر ، فتخوف عليها فنزل جبرائيل بخبر مسيرها . وعلى هذا فاللام في { العاديات } للعهد . ويحتمل أن يكون للجنس ، ويدخل خيل السرية فيها دخولاً أولياً .
وقوله { فالمغيرات } على هذا يكون من أغار على العدو إذا شن عليهم الغارة ، والجمع جماعة الغزاة أو الكفرة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.