غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{ءَاتُونِي زُبَرَ ٱلۡحَدِيدِۖ حَتَّىٰٓ إِذَا سَاوَىٰ بَيۡنَ ٱلصَّدَفَيۡنِ قَالَ ٱنفُخُواْۖ حَتَّىٰٓ إِذَا جَعَلَهُۥ نَارٗا قَالَ ءَاتُونِيٓ أُفۡرِغۡ عَلَيۡهِ قِطۡرٗا} (96)

83

وزبر الحديد قطعه . قال الخليل : الزبرة من الحديد القطعة الضخمة . من قرأ { آتوني } بالمد فظاهر ، ومن قرأ { ائتوني } من الإتيان فعلى حذف باء التعدية والنصب بنزع الخافض . ثم ههنا إضمار أي فأتوه بها فوضع بعضها فوق بعض . { حتى إذ ساوى بين الصدفين } وهما على القراآت جانبا الجبلين لأنهما يتصادفان أي يتقابلان { أفرغ عليه قطراً } أصب عليه النحاس المذاب { وقطراً } منصوب بأفرغ والتقدير : آتوني قطراً أفرغ عليه قطراً فحذف الأوّل لدلالة الثاني عليه . وهذا محمل ما يستدل به البصريون في أن المختار عند تنازع الفعلين هو إعمال الثاني إذ لو عمل الأول لقال أفرغه عليه . يحكى أنه حفر الأساس حتى بلغ الماء وجعل الأساس من الصخر والنحاس المذاب والبنيان من زبر الحديد بينهما الحطب والفحم حتى سد ما بين الجبلين إلى أعلاهما ، ثم وضع المنافيخ حتى إذا صارت كالنار صب النحاس المذاب على الحديد المحمى فاختلط والتصق بعضه ببعض وصار جبلاً صلداً . وقيل : بعد ما بين السدين مائة فرسخ . وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلاً أخبره به فقال : كيف رأيته ؟ قال : كالبرد المحبر طريقة سوداء وطريقة حمراء . قال : قد والله رأيته . قال العلماء : هذا معجز من ذي القرنين صرف تأثير تلك الزبر الكثيرة إذا صارت كالنار لم يقدر الآدمي على القرب منه ، وكأنه تعالى صرف تأثير تلك الحرارة العظيمة عن أبدان أولئك النافخين .

/خ110