غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أُوْلَـٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِيِّـۧنَ مِن ذُرِّيَّةِ ءَادَمَ وَمِمَّنۡ حَمَلۡنَا مَعَ نُوحٖ وَمِن ذُرِّيَّةِ إِبۡرَٰهِيمَ وَإِسۡرَـٰٓءِيلَ وَمِمَّنۡ هَدَيۡنَا وَٱجۡتَبَيۡنَآۚ إِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُ ٱلرَّحۡمَٰنِ خَرُّواْۤ سُجَّدٗاۤ وَبُكِيّٗا۩} (58)

41

{ أولئك } المذكورون من لدن زكريا إلى إدريس هم { الذين أنعم الله عليهم من النبيين } " من " للبيان لأن جميع الأنبياء منعم عليهم { من ذرية آدم } هي للتبعيض وكذا في قوله : { وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل } والمراد بمن هو من ذرية آدم إدريس لقربه منه ، وبذرية من حمل مع نوح إبراهيم عليه السلام لأنه من ولد سام بن نوح ، وبذرية إبراهيم وإسماعيل ، وبذرية إسرائيل موسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى بن مريم لأن مريم من ذريته . { وممن هدينا } يحتمل العطف على من الأولى والثانية وفي هذا الترتيب تنبيه على أن هؤلاء الأنبياء اجتمع لهم مع كمال الأحساب شرف الأنساب ، وأن جميع ذلك بواسطة هداية الله وبمزية اجتنائه واصطفائه . ثم إن جعلت { الذين } خبراً { لأولئك } كان { إذا يتلى } كلاماً مستأنفاً ، وإن جعلته صفة له كان خبراً وقد عرفت في الوقوف سار الوجوه من قرأ { يتلى } بالتذكير لأن تأنيث الآيات غير حقيقي والفاصل حاصل . والبكي جمع باكٍ " فعول " كسجود في " ساجد " أبدلت الواو ياء وأدغمت وكسر ما قبلها للمناسبة . ومن زعم أنه مصدر فقدسها لأنها قرينة سجداً . عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اتلوا القرآن وابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا " أراد بالآيات التي فيها ذكر العذاب وقال غيره : إطلاق الآيات والحديث المذكور يدل على العموم لأن كل آية إذا فكر فيها المفكر صح أن يسجد عندها ويبكي . قلت : لعل المراد بآيات الله ما خصهم الله تعالى به من الكتب المنزلة ، لأن القرآن حينئذ لم يكن منزلاً واختلفوا في السجود . فقيل : هو الخشوع والخضوع . وقيل : الصلاة . وقيل : سجدة التلاوة على حسب ما تعبدنا به . ويحتمل أنهم عند الخوف كانوا يتعبدون بالسجود . قال الزجاج : الإنسان في حال خروره لا يكون ساجداً فالمراد خروا متهيئين للسجود . عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اقرؤوا القرآن بحزن فإنه نزل بحزن " وعن ابن عباس : إذا قرأتم سجدة " سبحان " فلا تعجلوا بالسجود حتى تبكوا فإن لم تبك عين أحدكم فليبك قلبه . وقالت العلماء : يدعو في سجدة التلاوة بما يليق بها فإن قرأ آية تنزيل السجدة قال : اللَّهم اجعلني من الساجدين لوجهك المسبحين بحمدك وأعوذ بك أن أكون من المستكبرين عن أمرك . وإن قرأ سجدة " سبحان " قال : اللَّهم اجعلني من الباكين إليك الخاشعين لك . وإن قرأ ما في هذه السورة قال : اجعلني من عبادك المنعم عليهم المهديين الساجدين لك الباكين عند تلاوة آياتك .

/خ65