غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَهُمۡۖ كُلٌّ إِلَيۡنَا رَٰجِعُونَ} (93)

92

{ وأنا ربكم } لا غيري { فاعبدون } والخطاب للناس كافة . وكان الظاهر أن يقال بعده وتقطعتم أمركم بينكم أي جعلتم أمر دينكم بينكم قطعاً كما يقسم الشيء بين الجماعة فيصير لهذا نصيب ولهذا نصيب فصرتم فرقاً مختلفة وأحزاناً شتى ، إلا أنه عدل من الخطاب إلى الغيبة على طريقة الالتفات كأنه يقبح أمرهم إلى غيرهم فيقول : ألا ترون إلى عظيم ما ارتكب هؤلاء ؟ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " تفرقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعين فرقة فهلكت سبعون وخلصت فرقة وأن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة وتخلص فرقة واحدة قالوا : يا رسول الله ومن الفرقة الناجية ؟ قال : الجماعة الجماعة " فهذا الحديث مفسر للآية من حيث إن هذه الأمة يجب أن يكونوا على كلمة واحدة ، طعن بعضهم في الحديث أنه أراد بالاثنتين والسبعين فرقة أصول الأديان فإنها لا تبلغ هذا العدد ، وإن أراد الفروع فإنها أضعاف هذا العدد . وأجيب بأنه أراد ستفترق أمتي هذا العدد في حال ما ، وهذا لا ينافي كون العدد في بعض الأحوال أنقص أو أزيد . قال أهل البرهان : إنما قال في هذه السورة { فاعبدون وتقطعوا } بالواو وفي " المؤمنين " { فاتقون فتقطعوا } [ الآية : 5253 ] بالفاء لأن الخطاب ههنا أعم والعبادة أعم من التقوى . وأيضاً الخطاب يتناول الكفار وقد وجد منهم التقطع قبل هذا القول ، وفي سورة المؤمنين الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بدليل قوله { يا أيها الرسل كلوا من الطيبات } [ الآية : 51 ] ثم قال : { فتقطعوا } [ الآية : 53 ] أي ظهر منهم أي من أمتهم التقطع بعد هذا القول ولأن التقطع منهم أغرب أكده هناك بقوله { زبراً } وفي قوله { كل إلينا راجعون } وعيد عظيم للفرق المختلفة .

/خ112