فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{وَتَقَطَّعُوٓاْ أَمۡرَهُم بَيۡنَهُمۡۖ كُلٌّ إِلَيۡنَا رَٰجِعُونَ} (93)

{ وتقطعوا أمرهم بينهم } وجعل المكلفون أمر دينهم فيما بينهم قطعا ، فذهب فريق إلى الوثنية ، ومضى آخرون إلى اليهودية ، وتواصى غيرهم بالصليبية ؛ { كل إلينا راجعون } كل هؤلاء مردودون إلينا ، وموقوفون بين يدينا ، وسنجزيهم الجزاء الأوفى ؛ وفي هذا بشرى للمؤمنين ، ونذير للغاوين الضالين ، { فمن يعمل الصالحات وهو مؤمن فلا كفران لسعيه وإنا له كاتبون } وتفضيل الجزاء أن من صلح عمله ، وصدق يقينه ، فلا حرمان لثواب عمله ؛ وعدت الآية من آمن وعمل من الأعمال الصالحة فلن يضيع أجر سعيه الذي سعاه للبر والخير ؛ [ و{ من } للتبعيض لا للجنس ، إذ لا قدرة للمكلف أن يأتي بجميع الطاعات كلها فرضا أو نفلا ؛ وهو موحد مسلم ]{[2204]} ؛ وإن الكتبة الحفظة ملائكتنا لسعيه مثبتون في صحائف أعماله ، لا تغادر حفظتها صغيرة ولا كبيرة مما قدم في دنياه إلا أحصتها ؛ { وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون } عن ابن عباس ما حاصله : وحرام على قرية ختمنا على قلوب أهلها أن يتقبل منهم عمل ، لأن الله لا يتقبل إلا من المؤمنين ، أو : حرام على قرية حكمنا باستئصالها أن يقبل إيمانهم حين يحل بهم العذاب ، وذلك قوله تعالى : { فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا . . ){[2205]} ؛ أي لا يكون هذا أبدا .


[2204]:ما بين العلامتين [ ] من تفسير القرآن العظيم.
[2205]:سورة غافر. من الآية 85.