غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَحَرَٰمٌ عَلَىٰ قَرۡيَةٍ أَهۡلَكۡنَٰهَآ أَنَّهُمۡ لَا يَرۡجِعُونَ} (95)

92

وأما أحوال أضدادهم فذلك قوله { وحرام } ومن قرأ { حرم } فإنه فعل بمعنى مفعول . والتركيب يدور على المنع أي ممتنع أو ممنوع وهذا خبر لا بد له من مبتدأ وذلك قوله { أنهم لا يرجعون } أو غير ذلك . والرجوع إما الرجوع عن الشرك إلى الإسلام أو الرجوع إلى الدنيا أو إلى الآخرة . وعلى الأول إما أن تكون " لا " زائدة أقحمت للتأكيد ومعنى الآية ممتنع على أهل قرية عزمنا على إهلاكها أو قدرنا إهلاكها أن يرجعوا أو يتوبوا إلى أن تقوم الساعة والمراد تصميمهم على الكفر . وإما أن تكون معيدة ولكن الحرام بمعنى الواجب تسمية لأحد الضدين باسم الآخر باشتراكهما في المنع إلا أن الوجوب منع عن الترك والحرمة منع عن الفعل ، وقد ورد في الاستعمال مثل ذلك قال سبحانه { قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا } [ الأنعام : 151 ] وترك الشرك واجب وليس بمحرم ، وقالت الخنساء :

وإن حراماً لا أرى الدهر باكياً *** على شجوه إلا بكيت على عمرو

وعلى الثاني فالإهلاك على أصله ، والمعنى أن رجوعهم إلى الدنيا ممتنع أو عدم رجوعهم واجب إلى قيام الساعة نظيره قوله { فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون } [ يس : 50 ] وعلى الثالث فقوله " حتى " غاية لقوله { لا يرجعون } أي ممتنع عدم رجوع المهلكين إلى عذاب الآخرة حتى الساعة ، وذلك أن رجوعهم إلى عذاب النار قبل الساعة واجب بقوله { النار يعرضون عليها غدواً وعشياً } [ غافر : 46 ] وقال أبو مسلم : أراد أن رجوعهم إلى الآخرة واجب إلى هذه الغاية أي أنهم يكونون أول الناس حضوراً في محفل القيامة . وعلى الرابع فالمعنى وحرام عليهم ذلك وهو المذكور من السعي المشكور غير المكفور لأنهم لا يرجعون عن الكفر إلى أن تقوم الساعة .

/خ112